أن يكون محقا صادقا، وأن يقول: إن من قال إنهم مؤمنون غير فساق أن يكون محقا صادقا، فيلزم من هذا أن يكون الرجل كافرا مؤمنا فاسقا فاضلا في وقت واحد، وهذا لا يقوله من يقذف بالحجارة.
ويلزم من هذا أن يكون المرء في الجنة مخلدا، وفي النار مخلدا في وقت واحد، لان الكافر مخلد في النار، والمؤمن مخلد في الجنة، فإذا كان المرء كافرا بقول من قال فيه إنه كافر، ومؤمنا بقول من قال فيه إنه مؤمن فهو في الجنة وفي النار في وقت واحد، وهذا ما لا يقوله إلا موسوس، وكل ذلك قد قال به فضلاء أئمة من أهل العلم يعني تكفير أهل الأهواء، وإبطال تكفيرهم من الصحابة والتابعين إلى هلم جرا، ويكفي من هذا أن تعالى قد نص على أن سبيله واحدة، وأن سائر السبل متفرقة عن سبيله. وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على تخطئة جماعة من الصحابة رضي الله عنهم من المجتهدين كتخطئته عليه السلام أبا بكر في تفسيره للرؤيا، وعمر في قوله في هجرة المهاجرين إلى الحبشة، وأسيد بن الحضير في قوله: بطل جهاد عامر ابن الأكوع، وسائر الفتاوى التي أخطؤوا فيها، كأبي السنابل في وضعه على الحامل المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين، ومثل هذا كثير: وبالله تعالى التوفيق.
حدثنا محمد بن سعيد، نا أحمد بن عبد البصير، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشتي، ثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن خالد بن سعد قال: دخل أبو مسعود على حذيفة فقال:
أعهد إلي، قال: ألم يأتك اليقين؟ قال: بلى فإن الضلالة كل الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر أو تنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله أو في أمر الله، فإن دين الله واحد، فبين حذيفة ووافقه أبو مسعود رضي الله عنهما، وهذا نص قولنا، والذي لا يجوز غيره، وهو ما استقر عليه الامر إذا مات النبي صلى الله عليه وسلم وبالله تعالى التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.