الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٦٠
أن يكون محقا صادقا، وأن يقول: إن من قال إنهم مؤمنون غير فساق أن يكون محقا صادقا، فيلزم من هذا أن يكون الرجل كافرا مؤمنا فاسقا فاضلا في وقت واحد، وهذا لا يقوله من يقذف بالحجارة.
ويلزم من هذا أن يكون المرء في الجنة مخلدا، وفي النار مخلدا في وقت واحد، لان الكافر مخلد في النار، والمؤمن مخلد في الجنة، فإذا كان المرء كافرا بقول من قال فيه إنه كافر، ومؤمنا بقول من قال فيه إنه مؤمن فهو في الجنة وفي النار في وقت واحد، وهذا ما لا يقوله إلا موسوس، وكل ذلك قد قال به فضلاء أئمة من أهل العلم يعني تكفير أهل الأهواء، وإبطال تكفيرهم من الصحابة والتابعين إلى هلم جرا، ويكفي من هذا أن تعالى قد نص على أن سبيله واحدة، وأن سائر السبل متفرقة عن سبيله. وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على تخطئة جماعة من الصحابة رضي الله عنهم من المجتهدين كتخطئته عليه السلام أبا بكر في تفسيره للرؤيا، وعمر في قوله في هجرة المهاجرين إلى الحبشة، وأسيد بن الحضير في قوله: بطل جهاد عامر ابن الأكوع، وسائر الفتاوى التي أخطؤوا فيها، كأبي السنابل في وضعه على الحامل المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين، ومثل هذا كثير: وبالله تعالى التوفيق.
حدثنا محمد بن سعيد، نا أحمد بن عبد البصير، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشتي، ثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن خالد بن سعد قال: دخل أبو مسعود على حذيفة فقال:
أعهد إلي، قال: ألم يأتك اليقين؟ قال: بلى فإن الضلالة كل الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر أو تنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله أو في أمر الله، فإن دين الله واحد، فبين حذيفة ووافقه أبو مسعود رضي الله عنهما، وهذا نص قولنا، والذي لا يجوز غيره، وهو ما استقر عليه الامر إذا مات النبي صلى الله عليه وسلم وبالله تعالى التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
(٦٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 655 656 657 658 659 660 661 662 663 664 665 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722