الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٤٣
أراد نقلهم لما رووا عنه فهذا صحيح، لأنهم رضي الله عنهم كلهم ثقات، فعن أيهم نقل فقد اهتدى الناقل.
والثالث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الباطل، بل قوله الحق وتشبيه المشبه للمصيبين بالنجوم تشبيه فاسد، وكذب ظاهر، لأنه من أراد جهة مطلع الجدي قام (جهة) مطلع السرطان لم يهتد، بل قد ضل ضلالا بعيدا، وأخطأ خطأ فاحشا، وخسر خسرانا مبينا، وليس كل النجوم يهتدى بها في كل طريق، فبطل التشبيه المذكور، ووضح كذب ذلك الحديث وسقوطه وضوحا ضروريا.
قال أبو محمد: وقد ذم الله تعالى الاختلاف في غير ما موضع من كتابه قال الله عز وجل: (وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد) * وقال تعالى: * (فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه. وقال تعالى مفترضا للاتفاق وموجبا رفض الاختلاف: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ئ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) * إلى قوله تعالى: * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) * فصح أنه لا هدى في الدين إلا ببيان الله تعالى لآياته، وأن التفرق في الدين حرام لا يجوز، وقال تعالى: * (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) * وقال تعالى:
* (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) وقال تعالى: * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصم به لعلكم تتقون) * وقال تعالى:
* (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ) * وقال تعالى * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) *.
حدثنا عبد الله بن يوسف، نا أحمد بن فتح، نا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، نا أحمد بن علي، نا مسلم بن الحجاج، ثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري، نا حماد بن زيد، ثنا أبو عمران الجوني قال: كتب إلى عبد الله بن رباح الأنصاري أن عبد الله بن عمرو قال: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فسمع
(٦٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 638 639 640 641 642 643 644 645 646 647 648 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722