لقياس أو لهوى، أو تقليدا لمالك أو للشافعي أو لأبي حنيفة أو لأحمد أو لداود، أو لصاحب من الصحابة أو تابع، أو فقيه قديم أو حديث معتقدا أن ذلك الفقيه أو الصاحب كان عنده فضل علم جهله هو، أو أن النص الذي قاس عليه أحق أن يتبع، فهو فاسق ساقط العدالة عاص لله عز وجل.
وأما من تعلق بحديث آخر معارض للحديث الذي بلغه، فما دام لا يحقق أصلا في بناء الأحاديث بعضها على بعض، فهو مأجور على اجتهاده - وإن كان مخطئا - ولا إثم عليه في خطئه، وهكذا القول في الآي، وفي الأحاديث والآي، ولا فرق.
وأما من ذكرنا قبل فبخلاف ذلك، لأنه ترك الحق وهو يعلمه، فدخل فيمن شاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. وأما إذا حقق أصلا في بناء الأحاديث أو الآي، أو الأحاديث مع الآي فالتزمه، ثم لم يعتقد موجبه فهو فاسق كما قدمنا للآية التي قال تعالى فيها: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم) * وهذا الذي فعل ما ذكرنا، فقد ترك ما أقر بلسانه أنه هدى وأنه أمر الله تعالى ورسوله عليه السلام، وصار فيمن شهد على نفسه.
وكذلك من أبى قبول خبر الواحد، أو أبى قبول وجه العمل في البناء الصحيح في النصوص، فأقيمت الحجة عليه في ذلك كله، من براهين راجعة إلى النصوص وفهمها ولاحت له فلم يرجع إلى الحق في ذلك، وإنما يعذر من لم تقم عليه حجة بجهله فقط، وكذلك من قامت عليه البراهين في إبطال القياس فتمادى عليه.
وأما من أجاز أن يكون صاحب فمن دونه ينسخ أمرا أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يحدث شريعة، فهذا كافر مشرك حلال الدم والمال، بمنزلة اليهود والنصارى، وعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، ونحن برآء منه وهو برئ منا، فإن لم تقم عليه الحجة فهو مخطئ مأجور مرة لقصده إلى الخير، وبالله تعالى التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.