الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٩٧
وكل ما سمي اجتهادا من غير ما ذكرنا فهو باطل وإفك، وزين بأن سمي اجتهادا كما سمي اللديغ سليما، والمهلكة مفازة، والأسود السخامي أبا البيضاء والأعمى بصيرا، وكما سمى قوم المسكر نبيذا، وطلاء وهو الخمر بعينها، ويبين ما قلنا قوله صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
واعتراضها ههنا أمر نحتاج إلى تفسيره لغلط أكثر الناس فيه، وهو إيقاع اسم الحفظ واسم العلم واسم الفقه، على كل ما يستحق شيئا من هذه الأسماء، لأنها أسماء واقعة على صفات متغايرة، فوجب بيانها، فنفسر ذلك في علم الشريعة التي عرضنا في ديواننا هذا الكلام فيها، وبالله تعالى التوفيق، وبه عز وجل نتأيد لا إله إلا هو، فنقول وبالله تعالى نستعين:
الحفظ: اسم واقع على وصفه المرء، وهي ذكره لأكثر سواد ما صنف وجمع، وذكر في علمه وغرضه الذي قصد كحافظ سواد القرآن، وحافظ سواد الحديث ونصوصه، أو حافظ نصوص مسائل مذهبه الذي يقصد وينتحل.
فهذا معنى الحفظ.
وأما اسم العلم: فهو واقع على صفة في المرء، وهو اتساعه على الاشراف على أحكام القرآن، وروى الحديث صحيحه وسقيمه فقط، فإن أضاف إلى ذلك الوقوف على أقوال الناس، كان ذلك حسنا، كلما اتسع باع المرء في هذه المعاني زاد استحقاقه لاسم العلم، وهكذا في كل علم من العلوم، ويكون مع ذلك ذاكرا لأكثر ما عنده، وليس هذا حقيقة معنى لفظة العلم في اللغة، لكنه معناه في قولهم: فلان عالم، وفلان أعلم من فلان.
وأما تفسير لفظة العلم في اللغة فقد فسرناه في كتابنا هذا، وفي كتابنا الموسوم بالفصل.
وأما اسم الفقه: فهو واقع على صفة في المرء، وهي فهمه لما عنده، وتنبهه على حقيقة معاني ألفاظ القرآن والحديث، ووقوفه عليها، وحضور كل ذلك في ذكره متى أراده، ويزيد القياسيون علينا ههنا زيادة وهي: معرفته بالنظائر في
(٦٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 692 693 694 695 696 697 698 699 700 701 702 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722