الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٩٠
ففرض على كل من ذكرنا أن يعرف فرائض صلاته وصيامه وطهارته وكيف يؤدي كل ذلك.
وكذلك يلزم كل من ذكرنا أن يعرف ما يحله ويحرم، من المآكل والمشارب والملابس والفروج والدماء والأقوال والأعمال، فهذا كله لا يسع جهله أحدا من الناس، ذكورهم وإناثهم، أحرارهم وعبيدهم وإمائهم، وفرض عليهم أن يأخذوا في تعلم ذلك من حين يبلغون الحلم وهم مسلمون، أو من حين يسلمون بعد بلوغهم الحلم، ويجبر الامام أزواج النساء وسادات الأرقاء على تعليمهم ما ذكرنا، إما بأنفسهم، وإما بالإباحة لهم لقاء من يعلمهم، وفرض على الامام أن يأخذ الناس بذلك، وأن يراتب أقواما لتعليم الجهال. ثم فرض على كل ذي مال تعلم حكم ما يلزمه من الزكاة، وسواء الرجال والنساء والعبيد والأحرار، فمن لم يكن له مال أصلا فليس تعلم أحكام الزكاة عليه فرضا.
ثم من لزمه فرض الحج، ففرض عليه تعلم أعمال الحج والعمرة. ولا يلزم ذلك من لا صحة لجسمه ولا مال له، ثم فرض على قواد العساكر معرفة السير وأحكام الجهاد، وقسم الغنائم والفئ، ثم فرض على الامراء والقضاة تعلم الاحكام والأقضية والحدود، وليس تعلم ذلك فرضا على غيرهم، ثم فرض على التجار وكل من يبيع غلته تعلم أحكام البيوع، وما يحل منها وما يحرم، وليس ذلك فرضا على من لا يبيع ولا يشتري ثم فرض على كل جماعة مجتمعة في قرية أو مدينة أو دسكرة - وهي المجشرة عندنا - أو حلة أعراب أحصن أن ينتدب منهم لطلب جميع أحكام الديانة أولها عن آخرها، ولتعلم القرآن كله، ولكتاب كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث الاحكام أولها عن آخرها وضبطها بنصوص ألفاظها، وضبط كل ما أجمع المسلمون عليه ما اختلفوا فيه من يقوم بتعليمهم وتفقيههم من القرآن والحديث والاجماع. يكتفي بذلك على قدر قلتهم أو كثرتهم بالآية التي تلونا في أول هذا الكتاب، بحسب ما يقدر أن يعمهم بالتعليم، ولا يشق على المستفتي قصده، فإذا انتدب لذلك من يقوم بما ذكرنا فقط سقط عن باقيهم إلا ما يلزمه خاصة نفسه فقط على ما ذكرنا آنفا، ولا يحل للمفقه أن يقتصر على آراء الرجال دون ما ذكرنا.
(٦٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 685 686 687 688 689 690 691 692 693 694 695 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722