الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٧٩
المجرمين ئ ما سلككم في سقر ئ قالوا لم نك من المصلين ئ ولم نك نطعم المسكين ئ وكنا نخوض مع الخائضين ئ وكنا نكذب بيوم الدين ئ حتى أتانا اليقين) * فنص تعالى كما ترى أنه يعذب المكذبين بيوم الدين - وهم الكفار بلا شك - على تركهم الصلاة، وترك إطعام المسكين، وقال عز وجل: * (ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ئ إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ئ ولا يحض على طعام المسكين) * فنص تعالى كما ترى أيضا على أن نوع الكفار معذبون لأنهم لم يطعمون المساكين، وقال: * (وما أرسلناك إلا كآفة للناس بشيرا ونذيرا) * وأمره تعالى أن يقول:
* (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) * هو نص جلي على لزوم شرائع الاسلام كلها للكفار كلزومها للمؤمنين، إلا أن منها ما لا يقبل منهم إلا بعد الاسلام، كالصلاة والصيام والحج، وهم في ذلك كالجنب وتارك النية والمحدث لا تقبل منه صلاة حتى يطهر، ولا صيام ولا حج إلا بإحداث النية في ذلك وقال تعالى:
* (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله) * فنص تعالى على أنهم عصاة، إذ لا يحرمون ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى: * (وطعامكم حل لهم) فصح أن طعامنا حل لهم شاؤوا أو أبوا، وقال تعالى:
* (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) * وروينا عن ابن عباس بسند جيد أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: * (فاحكم بينهم أو أعرض عنهم.
وإذا قد صح كل هذا بيقين فواجب أن يحدوا على الخمر والزنى، وأن تراق خمورهم، وتقتل خنازيرهم، ويبطل رباهم، ويلزمون من الاحكام كلها في النكاح والمواريث والبيوع والحدود كلها وسائر الأحكام، مثل ما يلزم المسلمون، ولا فرق، ولا يجوز غير هذا، وأن يؤكل ما ذبحوا من الأرانب، وما نحروا من الجمال، ومن كل ما لا يعتقدون تحليله، لان كل ذلك حلال لهم بلا شك، ومن خالف قولنا فهو مخطئ عند الله عز وجل بيقين، وقد أنكر تعالى ذلك عليهم فقال تعالى: * (أفحكم الجاهلية يبغون) * وكل من أباح لهم الخمر ثم لم يرض حتى أغرمها المسلم إذا أراقها
(٦٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 674 675 676 677 678 679 680 681 682 683 684 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722