إسحاق، عن ابن الأعرابي، عن أبي داود، ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان، ثنا عبد الملك ابن عمير، ثنا عطية القرظي قال: كنت فيمن سبي من قريظة فكانوا ينظرون، فمن أنبت الشعر قتل، ومن لم ينبت لم يقتل، فكنت فيمن لم ينبت.
قال أبو محمد: ومن المحال الممتنع أن تقتل الناس بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم أبحق أم بباطل، هذا ما لا يظنه مسلم البتة، وقتلى قريظة قتلوا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وبأمره، وقال لسعد بن معاذ: حكمت فيهم بحكم الملك كما حدثنا عبد الله بن ربيع، عن محمد بن معاوية، عن أحمد بن شعيب، عن محمود بن غيلان، ثنا وكيع، ثنا سفيان الثوري، عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت عطية القرظي يقول: عرضنا على النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة، فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت فيمن لم ينبت فخلي سبيلي.
قال أبو محمد: فمن لم ينبت ولا احتلم من رجل أو امرأة أو لم تحض المرأة، فإذا تجاوزا تسعة عشر عاما قمرية بساعة فقط، لزمهم حكم البلوغ، لأنه إجماع، وأما من جعل إكمال خمسة عشر عاما بلوغا، وإن لم يكن هناك حيض ولا احتلام ولا إنبات فقول لا دليل عليه. وأما حجتهم بحديث ابن عمر: عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربعة عشر عاما فردني، ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشر عاما فأجازني، فلا حجة لهم في ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إني أجزته لسنه. وكان عام الخندق بالمدينة لا خروج عليهم فيه، فالله أعلم لماذا أجازه، إما لأنهم لم يسافروا عن موضعهم، أو لأنه قد بلغ، فلا حجة في ذلك أصلا وبالله تعالى التوفيق. ولا نهى عليه السلام عن غزو الأشداء من الصبيان، فتكون إجازته دليلا على أنه قد كان بلغ.
ومما يدل على أن الشرائع لا تلزم إلا من عرفها ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه لم يزجر عدي بن حاتم، عما تأوله في العاقلين، لكن علمه، وسقط اللوم عن عدي، لأنه تأول جاهلا، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر معاوية بن الحكم بإعادة الصلاة إذ تكلم فيها عامدا. وأنه صلى الله عليه وسلم أمر الذي لم يتم صلاته مطمئنا في ركوعه وسجوده بالإعادة مرارا. فلما أعلمه أنه لا يدري أكثر، علمه. ولم يذكر الراوي أنه أمره بإعادة، إلا أن أمره صلى الله عليه وسلم بأن يعمل ما علمه أمر له بعمله.