الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٧٧
وثانيها: شرط معلق بصفة فحيث وجد فواجب ما علق بذلك الشرط، مثل قوله تعالى: " إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " فقد صح بهذا أن من انتهى غفر له. وثالثها:
لفظ يفهم منه معنى فيؤدى بلفظ آخر وهذا نوع من تسميه أهل الاهتبال بحدود الكلام المتلائمات مثل قوله تعالى: * (إن إبراهيم لأواه حليم) * فقد فهم من هذا فهما ضروريا أنه ليس بسفيه وهذا هو معنى واحد يعبر عنه بألفاظ شتى كقولك الضيغم والأسد والليث والضرغام وعنبسة، فهذه كلها أسماء معناها واحد وهو الأسد. رابعها: أقسام تبطل كلها إلا واحدا فيصح ذلك الواحد مثل أن يكون هذا الشئ إما حرام فله حكم كذا، وإما فرض له حكم كذا وإما مباح فله حكم كذا، فليس فرضا ولا حراما فهو مباح له حكم كذا أو يكون قوله يقتضي أقساما كلها فاسد فهو قول فاسد. وخامسها: قضايا واردة مدرجة فيقتضي ذلك أن الدرجة العليا فوق التالية لها بعدها وإن كان لم ينص على أنها فوق التالية، مثل قولك:
أبو بكر أفضل من عمر، وعمر أفضل من عثمان، فأبو بكر بلا شك أفضل من عثمان.
وسادسها: أن نقول: كل مسكر حرام، فقد صح بهذا أن بعض المحرمات مسكر وهذا هو الذي تسميه أهل الاهتبال بحدود الكلام، عكس القضايا، وذلك أن الكلية الموجبة تنعكس جزئية أبدا. وسابعها: لفظ ينطوي فيه معان جمة مثل قولك: زيد يكتب، فقد صح من هذا اللفظ أنه حي، وأنه ذو جارحة سليمة يكتب بها وأنه ذو آلات يصرفها، ومثل قوله تعالى: * (كل نفس ذائقة الموت) * فصح من ذلك أن زيدا يموت وأن هندا تموت وأن عمرا يموت وهكذا كل ذي نفس، وإن لم يذكر نص اسمه.
فهذه هي الأدلة التي نستعملها وهي معاني النصوص ومفهومها وهي كلها واقعة تحت النص وغير خارجة عنه أصلا، وقد بيناها وأنعمنا الكلام عليها في كتابنا الموسوم بكتاب التقريب واقتصرنا ههنا على هذا المقدار من ذكرها فقط، وجميع هذه الأنواع كلها لا تخرج من أحد قسمين، إما تفصيل لجملة، وإما عبارة عن معنى واحد بألفاظ شتى، كلغة يعبر عنها بلغة أخرى.
وأما ما أدرك بالحس فقط جاء النص بقبوله عز وجل: * (أم لهم أعين يبصرون بها) * وسائر النصوص المستشهد فيها بالحواس وبالعقل، مع أن الحواس
(٦٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 672 673 674 675 676 677 678 679 680 681 682 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722