واعترضوا أيضا بما رويناه بالسند المتقدم إلى مسلم: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا حفص بن غياث، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: قلت:
يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين، فهل ذلك نافعه؟ قال: لا ينفعه إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.
قال أبو محمد: وهذا حجة لنا عليهم قوية جدا، لان النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل السبب في أن ما فعل لا ينفعه أنه لم يسلم، فصح أنه لو أسلم لنفعه ذلك كما نفع حكيما. وهذا نص قولنا، ونحن لم نقل قط إن الله تعالى يأجر كافرا مات على كفره، وعلى ما عمل من خير، وإنما قلنا: من أسلم بعد كفره أجر على كل خير عمل في كفره.
واعترضوا بقول الله تعالى: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) *.
قال أبو محمد: وهذا حجة لنا، لان الشرك يحبط الأعمال، والاسلام يزكيها، ويبين ذلك قوله تعالى: * (أني لا أضيع عمل عامل منكم) * وإنما شرطنا أنه ينتفع بما عمل في كفره من خير إن أسلم لا إن لم يسلم.
واعترضوا أيضا بما رويناه عن مسلم بالسند المذكور قال: ثنا محمد بن المثنى، ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، نا حياة بن شريح، ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فحدثنا أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الاسلام يهدم ما كان قبله، وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وإن الحج يهدم ما كان قبله.
قال أبو محمد: وإنما يهدم الاسلام الكفر الذي هو مضاده، وحديث ابن مسعود زائد على ما في حديث عمرو غير مضاد له، بل هو مبين بيانا زائدا، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضاد بعضه بعضا، ففي حديث ابن مسعود زيادة حكم على ما في حديث عمرو، من أنه من أساء في الاسلام أخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أحسن في الاسلام سقط عنه ما عمل في الجاهلية، فإنما معنى حديث عمرو أن الاسلام يهدم ما كان قبله بشرط الاحسان فيه، وبالله تعالى التوفيق.
واعترضوا أيضا بما حدثنا عبد الله بن يوسف، عن أحمد بن فتح، عن عبد الوهاب ابن عيسى، عن محمد بن عيسى، عن عمرويه، عن إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن