وغالى فيها الطوفي، وهو من علماء الحنابلة (1)، فاعتبرها الدليل الشرعي الأساس في السياسات الدنيوية والمعاملات، وقدمها على ما يعارضها من النصوص عند تعذر الجمع بينها (2).
بينما ذهب الشافعي ومن تابعه: " إلى أنه لا استنباط بالإستصلاح، ومن استصلح فقد شرع كمن استحسن، والإستصلاح كالإستحسان متابعة للهوى " (3).
وللغزالي وهو من الشافعية تفصيل فيها فهو يرى أن " الواقع في الرتبتين الأخيرتين لا يجوز الحكم بمجرده إن لم يعتضد بشهادة أصل إلا أنه يجري مجرى وضع الضرورات، فلا بعد في أن يؤدي إليه اجتهاد مجتهد، وإن لم يشهد الشرع بالرأي فهو كالإستحسان، فإن اعتضد بأصل فذلك قياس. أما الواقع في رتبة الضرورات فلا بعد في أن يؤدي إليه اجتهاد مجتهد، وإن لم يشهد له أصل معين، ومثاله أن الكفار إذا تترسوا بجماعة من أسارى المسلمين، فلو كففنا عنهم لصدمونا وغلبوا على دار الإسلام وقتلوا كافة المسلمين، ولو رمينا الترس لقتلنا مسلما معصوما لم يذنب ذنبا، وهذا لا عهد به في الشرع، ولو كففنا لسلطنا الكفار على جميع المسلمين فيقتلونهم، ثم يقتلون الأسارى أيضا، فيجوز أن يقول قائل: هذا الأسير مقتول بكل حال، فحفظ جميع المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع، لأنا نعلم أن مقصود الشرع تقليل القتل كما يقصد حسم سبيله عند الإمكان فإن لم نقدر على الحسم قدرنا على التقليل، وكان هذا التفاتا إلى مصلحة علم بالضرورة كونها مقصودة لا بدليل واحد وأصل معين، بل بأدلة خارجة عن الحصر، ولكن تحصيل هذا المقصود بهذا الطريق وهو قتل من لم يذنب غريب لم يشهد له أصل معين، فهذا مثال مصلحة غير مأخوذة بطريق القياس