امرءا مسلما مات من بعد هذا أسفا، ما كان به ملوما، بل كان به جديرا.
فيا عجبا، عجبا، والله، يميت القلب، ويجلب الهم، من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم على حقكم.
فقبحا لكم وترحا، حين صرتم غرضا يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون.
فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الصيف قلتم: هذه حمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فرارا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر.
يا أشباه الرجال، ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لوددت أني لم أركم، ولم أعرفكم معرفة والله جرت ندما، وأعقبت سدما، قاتلكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحا، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان حتى قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب.
لله أبوهم، وهل أحد منهم أشد لها مراسا، وأقدم فيها مقاما مني، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها أنا ذا قد ذرفت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع ".
إن من يقرأ هذه الخطبة الشريفة قراءة نقدية سيخلص إلى أن الإمام (ع) قد اعتمد في أسلوبها على العناصر التالية:
1 - انتقاء المفردات انتقاء يتناسب وموضوع الخطابة ويلتقي وجو الخطبة.
2 - قوة التعبير المعرب عن مدى التأثر والتأثير.
3 - استخدام الصيغ الانشائية كالتعجب والاستفهام استخداما يضع