3 - تناقش دلالة الآية الكريمة على نجاسة أهل الكتاب من وجهين:
الأول: إن كلمة (نجس) - في الآية الكريمة - غير ظاهرة الدلالة على المدعى - وهي النجاسة العينية التي تستلزم اجتناب مماسة المشركين بالرطوبة - لأن هذا لو كان مدلولا للآية وتشريعا لهذا الحكم لبان أثره علما وعملا عند الجيل المعاصر لنزول الآية الكريمة.
فلم ينقل شئ من هذا، إلا ما نسبه بعض المفسرين إلى ابن عباس من أنه قال في تفسير الآية: " أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير "، ومن بعده في أجيال التابعين نقل هذا عن الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز.
يضاف إليه: اختلاف المفسرين في التردد بين ثلاثة أنواع من النجاسة، هي:
أ - النجاسة العينية المستلزمة للتطهير عند المماسة برطوبة، وهو المعنى المدعى.
ب - النجاسة العرضية، بسبب عدم اجتنابهم وعدم تطهرهم عما يراه المسلمون نجسا.
ج - النجاسة المعنوية، وهي استقذارهم من قبل المسلمين، أي اعتبارهم قذرا لخبث باطنهم باعتقادهم الشرك، وهو ما تدل عليه كلمة (نجس) لغويا، وعليه نصت جل كتب (غريب القرآن)، وما فهمه المسلمون منها حين النزول.
وممن أشار إليه السيد الطباطبائي في (الميزان) - 9 / 229 - بقوله:
" والنهي عن دخول المشركين لمسجد الحرام بحسب اعتقادهم العرفي يفيد أمر المؤمنين بمنعهم عن دخول المسجد الحرام.
وفي تعليله تعالى منع دخولهم المسجد بكونهم نجسا اعتبار نوع من القذارة لهم كاعتبار نوع من الطهارة والنزاهة للمسجد الحرام.