بالبقاء وانما طرء الشك عليه، لاحتمال طرو النسخ عليه أو فقدان شئ نحتمل شرطيته كالحضور في صلاة الجمعة، واما المقام فالشك لم يتعلق بنفس الوجوب الذي افتى به المفتى، بل هو على تقدير وجوده من أول الأمر باق قطعا، وانما الشك تعلق بمقدار حجية رأيه وفتواه وان شئت قلت تعلق الشك بمقدار حجية الامارة وكاشفيته شرعا عن الواقع وانها هل هو حجة مطلقا حيا كان أو ميتا، أو يختص بحال حياته، نعم لو كان الشك في الامارات في مورد مثل الشك في مقدار حجية فتوى المفتى، منعنا الاستصحاب فيه أيضا.
ان قلت: على القول بلزوم الجزم في النية في اجزاء العبادات وشرائطها، يلزم القول بجعل المماثل في الامارات ومنها فتوى الفقيه، والا يلزم اتيان كثير منها رجاءا، لعدم قيام الدليل القطعي على جزئيتها وشرطيتها فلا مناص من القول باستتباع الامارات احكاما علي طبق مؤدياتها.
قلت: مضافا إلى منع لزومه في العبادات وقد أوضحنا سبيله غير مرة وقلنا إن المسألة عقلية لا مناص لدعوى الاجماع فيها، ان الجزم حاصل من غير احتياج إلى القول باستتباع الامارات احكاما مماثلا لمؤدياتها، وذلك لان احتمال الخلاف و الخطاء مغفول عنه للعقلاء عند العمل بالامارات الدارجة بينهم، وما ذكرنا من أن بنائهم على العمل بها بالغاء احتماله، ليس معناه انهم يحتملونه ثم يلغونه عملا بل معناه غفلتهم عن هذا الاحتمال ولكن لو نبههم أحد عليه لتنبهوا، لكنهم عند عدم التنبيه، يعملون معه بصرافة ارتكازهم معاملة العلم الجازم، ودونك معاملاتهم السوقية فهم يبيعون ويشترون علي وجه الجزم، مع أن أساسه على كون البايع مالكا، ولا طريق لهم غالبا على الملكية الا اليد التي هي امارتها، وليس ذلك لعدم انقداح احتمال الخطاء في أذهانهم. هذا أولا:
وثانيا: ان استتباعها للحكم الظاهر في خصوص فتوى الفقيه ليس محصلا للجزم فان عمل العامي بفتوى الفقيه انما هو لأجل كونها طريقا إلى الواقع وكاشفا عنه، كعملهم على آراء أهل الخبرة في سائر الفنون، فإذا كان هذا مبني عملهم، فاستتباع فتواه للحكم الظاهري أمر مغفول عنه للمقلدين، فكيف يكون مناطا لحصول