فإنهم إذا أخذوا الرأي من الحي يعملون به حتى بعد موته ويجدون أنفسهم غير محتاجين إلى أن يرجعوا إلى فقيه آخر وهذه هي السيرة المستمرة بين العقلاء إلى يومنا هذا، ويمكن استفادة ذلك من الأخبار الماضية التي ارجع الامام، شيعتهم أو السائل إلى فقهائهم أو إلى واحد معين منهم، فقد قال علي بن المسيب للرضا. شقتي بعيدة ولست أصل إليك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني قال من زكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا، أتظن ان علي بن المسيب فهم منه انه يجب عليه الرجوع عليه والاخذ بآرائه، غير أنه إذا مات وقضى نحبه تسقط تلك الآراء عن الحجية ويجب عليه الرجوع مرة ثانية إلى الامام حتى يعين فردا آخر * لا أظن أنه فهم ذلك، بل القطع على خلافه فلو كان الحياة شرطا في جواز العمل بالرأي لكان له (ع) التنبيه عليه، لشهادة ارتكاز كل عاقل على عدم الفرق بين حياته ومماته في جواز العمل بكل ما تعلم من العالم سيما مع كون شقته بعيدة وانقطع عن الامام بعد ذهابه إلى شقته في تلك الأزمنة، وقس عليه سائر الروايات الواردة في ارجاع السائلين إلى اشخاص خاصة كالأسدي، ومحمد بن مسلم وغيرهما.
نعم هذه النصوص منصرفة عن التقليد الابتدائي لانصراف الدواعي عن الاخذ عن المجتهد الميت الذي لم يدركه ولم يأخذ بآرائه في حال حياته، مع وجود الحي الذي يسهل عنه الاخذ.
أضف إليه: ان التقليد الابتدائي كان غير ممكن في تلك الأزمنة التي لم يكن ذكر الفتاوى وتدوينها في كتاب مرسوما، وكان الرائج، تدوين الأحاديث والروايات صحيحها وضعيفها، وما كان يعتمد عليه مؤلفه، أولا يعتمد، في الأصول والكتب، فمن أين كان يمكن للعامي ان يرجع إلى الميت ويأخذ آرائه، ولم يكن تدوين الحديث دليلا على الافتاء به حتى يستكشف من تدوينه، الافتاء بمضمونه لما عرفت من تدوينهم الصحيح والضعيف، نعم قد كان الافتاء عند السؤال شفاها بنفس نقل الرواية، وهو غير ما نحن فيه.
وقد كان السيرة على هذا المنوال إلى زمن الصدوقين، إلى أن تطور الامر، و