تكرر منا بيانه وبالجملة: جواز رجوع الناس أو كل من له التقليد، على المجتهد الفلاني، كتعلق وجوب الحج على عنوان من استطاع فكما يجوز استصحابه عند طرو الشك وهكذا ذاك بلا تفاوت.
الثاني: وهو العمدة في المقام، عدم بقاء الموضوع، فان المشهور عند القوم شرطية بقاء الموضوع في جريانه، وإن كان التحقيق عندنا اتحاد القضية المتيقنة مع القضية المشكوك فيها، وما هو المتيقن أو ما هو الموضوع للحكم، انما هو رأى المجتهد وفتواه، ولا رأى للميت ولا فتوى له، ولا يتصف الميت عند العرف بالعلم ولا بالظن ومعه لا بقاء للموضوع، ولا اتحاد للقضيتين، وان شئت قلت: ان مدار الفتوى انما هو الظن الاجتهادي، ولذا يقول المجتهد هذا ما أدي إليه ظني، وكل ما أدى إليه ظني يجوز لي الافتاء به، فإذا مات لم يبق له ظن ولا علم، فلا يبقى له رأى ولا فتوى، ومعه كيف يجوز الاستصحاب.
وفيه: ان ملاك عمل العقلاء، بآراء ذوي الفنون وأصحاب الصنائع ومن له شغل التقويم، انما هو لكون الرأي بنحو الجزم بوجوده الحدوثي طريقا إلى الواقع وصفة الطريقية ثابتة له كان صاحبه بعد ابراز رأيه حيا أو ميتا، فان مناط الحجية وملاك الطريقية عندهم، قائم بنفس الاخبار جزما، عن أمر واقعي فلو افتى الفقيه بأنه لا يصح الصلاة في وبر مالا يؤكل لحمه، فنفس هذا الفتوى بما هو هو من غير دخالة أمر، كاشف عن الواقع، طريق إليه ومنجز له، ولا ينسلخ هذه الأوصاف عنه أصلا لا بموته ولا بنومه الا بنقضه وتبدل رأيه، والجزم على خلافه، هذا حال السيرات العقلائية في العمل بالامارات وقد عرفت ان الدليل الوحيد في باب التقليد انما هو السيرة العقلائية التي عرفت ملاك العمل به، واما الأدلة الشرعية، فلو فرض وجودها فهي غير خارجة عن حدودها، فإذا كانت الحجية والطريقية والتنجيز، قائمة بنفس الرأي فقط فلو مات صاحبه، وشك في دخالة الحياة في جواز العمل به شرعا فلا مانع من استصحابه لبقاء الموضوع، واتحاد القضيتين، المتيقنة والمشكوكة، فان ما هو الموضوع أو ما هو المتيقن، انما هو رأى الفقيه وجزمه بالحكم واظهاره، طريق