تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٩٢
قال سئلته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه، أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه كيف يصنع، قال: يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه.
بتقريب ان المراد من تخالفهما، ليس التخالف في نقل الرواية من دون جزم بمفاده، بل نقله علي وجه جاز العمل بمنقوله، مصدقا مفاده وهو مساوق للفتوى، ويشهد له قوله أحدهما يأمر بأخذه... فان الامر بالأخذ، ليس الا دعوة المخاطب إلي اخذه معتقدا صحته وهو عبارة أخرى عن الفتوى، فالرواية صريحة في الفتوى أو ظاهرة فيها، و من ذلك يعلم أنه يمكن التمسك بعامة الروايات الآمرة بالتخيير عند تعارض الروايات في المقام بالغاء الخصوصية، فان اختلاف الفقيهين، يرجع إلي اختلاف الرواية واختلاف نظرهما في الجمع والترجيح هذا.
ولكن ما ذكر من التقريبين لا يسمن ولا يغنى، بل الأول على خلاف المطلوب أدل، فان الاستدلال بالموثقة مبنى على حمل قوله عليه السلام فهو في سعة حتى يلقاه، على جواز العمل بالخبرين، حتى يلاقى من يخبره، بالحكم الواقعي ولكن هذا مخالف بما ذكره الامام قبله يرجئه حتى يلقى من يخبره فان معنى الارجاء انما هو تأخير الواقعة وعدم العمل بشئ منهما، فيصير قرينة على أن قوله: فهو في سعة الخ انه في سعة في ترك الحكم الواقعي، ومعذور فيه، إذا كان مقتضى الأصول التي رجع إليها مخالفا للحكم الواقعي، فهو على خلاف المطلوب أدل.
واما ادعاء الغاء الخصوصية، فهو أضعف، لمنع كون الاختلاف بين الفقيهين مستندا إلى اختلاف الحديثين، بل لاختلافهما علل شتى، مع تحقق الفرق الواضح بين اختلاف الاخبار، واختلاف الآراء أضف إلى ذلك أنه لو صح العمل باخبار التخيير في المقام، لزم العمل باخبار المرجحات، فيرجح بما ذكر في الروايات من الوجوه المرجحة مع أنه لم يقل به أحد.
على انك قد عرفت منافى باب التعادل والتراجيح ان ما ادعاه الشيخ الأعظم من تواتر اخبار التخيير أو استفاضته، غير صحيح بل لم نجد رواية حائزة شرايط الحجية
(١٩٢)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الوسعة (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست