ونقول: فربما يقال بعدم الجواز في الصورة الأولى كما عن شيخنا العلامة قائلا بان الاتيان بأحد شقي الواجب التخييري موجب لسقوطه، فلا يجوز الاتيان به بعده بداعوية الأمر الأول باحتمال داعويته أو بداعوية المحتمل، إذ هي فرع عدم العلم بالسقوط ومنه يظهر عدم جواز الاستصحاب، لا استصحاب الوجوب التخييري لسقوطه قطعا، ولا جواز العمل على طبق فتوي الآخر لعدم احتمال وجود أمر آخر غير ما عرفت من الامر التخييري الذي علم سقوطه.
وفيه: ان التخيير في المسألة الفرعية غيره في المسألة الأصولية، فان الاتيان بأحد شقي الواجب يوجب سقوط الحكم التخييري في الفرعية من التخيير، دون الأصولي منه، وذلك أن التخيير في المسألة الأصولية لا نفسية له وانما هو لأجل احراز الواقع حسب الامكان بعد عدم لزوم الاحتياط، فلو اتى بأحد الفردين كالعمل بأحد الفتوائين أو الامارتين يبقى معه المجال للاتيان بالفرد الآخر، تحصيلا للقطع واليقين وإن كان المكلف غير ملزم علي تحصيله، نعم لو قلنا بحرمة الاحتياط أو بالاجزاء في موارد الطرق وان لم تكن موافقة للواقع كان لما ذكره وجه ومنه يظهر صحة استصحاب جواز الاتيان بما لم يأته على نحو الاستصحاب التنجيزي، نعم التعليقي منه غير صحيح لكون التعليق غير شرعي.
واما الصورتان الباقيتان: فالظاهر كون التخيير استمراريا وان لم نقل به في الأولى وقياسهما على الأولى قياس مع الفارق توضيحه ان التقليد وإن كان يتحقق بالأخذ والالتزام وعقد القلب، الا انه يمكن اعدامه بالرجوع عما التزم ومع الابطال، يتحقق موضوع الامر باحداث الاخذ بأحدهما ولا يلزم ما استشكله من لزوم الجمع بين اللحاظين فان ذلك فرع بقاء التقليد حتى يكون نتيجة أدلة التخيير الابقاء بالنسبة إلى الأول، والاحداث بالنسبة إلى الثاني، لكنك قد عرفت ان الرجوع مبطل ومعدم للأول ومعه، يكون المقام كالتخيير بلا سبق تقليد أصلا، أضف إلى ذلك ان الكلام انما هو في امكان التخيير بعد الفراغ عن الاطلاق لا في وجود اطلاق الدليل وإهماله، وعليه فلا يصح الاستدلال على منع التخيير بأنه يستلزم الجمع بين اللحاضين إذ هو