تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١١٨
من قضائه بما هو قاض ومعه لا مجال لحمله على أنه صلى الله عليه وآله بصدد الحكم النازل إليه من عند الله، إذ ليس المقام مقامه وظاهر الكلام على خلافه، كما أن المقام ليس مقام فصل الخصومة والقضاء كما لا يخفى فينحصر قوله: لا ضرر في كونه نهيا سلطانيا أراد به نهى الأمة عن الاضرار وإيجاد الضيق والحرج ولا ينافي ما ذكرنا من أنه نهى سلطاني مع ما تقدم منا ان لفظة " قضى " ظاهر في أن الحكم المتلو له صادر عنه صلى الله عليه وآله بما هو قاض، فان ذلك صحيح إذا لم يقم قرينة على كونه ليس بصدد فصل الخصومة والقضاء كما عرفت.
وما يظهر من وحيد عصره شيخ الشريعة (قدس سره) من أنه نهى الاهي مستدلا بان شراح الحديث فسروه بأنه: لا يضر أخاه، في غير محله لما عرفت من أن جعل النهى، نهيا الاهيا، مضافا إلى كونه خلاف ظاهر قوله: " قضى " ان المقام ليس من قبيل تبليغ احكام الله وكشف مراده كما أن المعنى المعروف بين الاعلام بأنه بصدد نفى الحكم الشرعي الضرري لا يجتمع مع رواية أحمد بن جنبل، إذ أي تناسب بين قضائه ونفى الحكم الضرري.
وما استند إليه (قدس سره) من تفسير شراح الحديث لا يثبت ما رامه، فإنه (قدس سره) نقل عبائرهم بأنهم قالوا إن معناه: لا يضر أخاه، وهو لا يدل على، كون النهي من الله، أو من قبل الرسول صلى الله عليه وآله بما انه سلطان وحاكم، لا نبي ورسول ومبلغ للحلال والحرام، بل كلامه أيضا غير صريح في كون النهى، نهيا شرعيا بل هو بصدد بيان النفي بمعنى النهى، قبال ما افاده الاعلام، وإن كان المتبادر منه كون النهى الاهيا وحكما شرعيا.
واما ما ثبت وروده من طرقنا هو قضية سمرة والآثار الواردة من طرق الشيعة و ان لم يكن مصدرة بلفظة " قضي " ونحوه الا ان التأمل في صدر القضية وذيلها و الامعان في هدف الأنصاري حيث رفع الشكاية إلى النبي صلى الله عليه وآله ليدفع عنه الظلم، والتدبر في أنه لم يكن لواحد منهما شبهة حكمية ولا موضوعية، يورث الاطمئنان ويشرف الفقيه بالقطع على أن الحكم حكم سلطاني، والنهى نهى مولوي من جانب النبي علي
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست