في النهى ابتداءا أو انه استعمل في معناه الحقيقي وهو النفي ولكن لينتقل منه إلى إرادة النهى - إلى أن قال - فالمدعي ان الحديث يراد به إفادة النهى لا نفى الحكم الضرري ولا نفى الحكم المجعول للموضوعات عنه ولا يتفاوت في هذا المدعى ان استعمال النفي في النهى بأي وجه وربما كانت دعوى الاستعمال في معنى النفي مقدمة للانتقال إلى طلب الترك ادخل في اثبات المدعى حيث لا يتجه (ح) ما يستشكل في المعنى الأول من أنه تجوز لا يصار إليه انتهى الموارد الحساسة من كلامه.
وما ذكرناه نزر من كثير من كلامه وهو قدس سره بالغ في اثبات مرامه وحاصل ما أفاد: ان النفي اما مستعمل في النهى ابتداءا، واما باق على حاله، لكن التعبير بالجملة الخبرية في مقام الانشاء طلبا لافهام شدة التنفر، والانزجار عنه، حتى يقف المخاطب إلى الزجر الأكيد، وان المولى لا يرضى بأي وجه بوقوعه وصدوره، كما أن المولى إذا أراد ان يطلع المخاطب علي مطلوبية أمر ومحبوبيته ربما اتى بالجملة الخبرية مخبرا عن وجوده حتى ينتقل المخاطب إلى البعث الشديد، والإرادة المؤكدة بحيث نزله منزلة الموجود.
والانصاف ان ما ذكره أظهر مما احتمله القوم بحيث لو دار الامر بين المحتملات المزبورة، فالترجيح معه، ولكن ما ذكره لا يتعين الا بابطال ما ذكروه من المحتملات على حذو ما أبطلناه، ومجرد كثرة الاستعمال لا يوجب التعين مع كونه مجازا سواء أريد منه النهى أو أريد منه النفي كناية عن النفي على النحو الذي عرفت، فإنه أيضا مجاز فان المعنى الحقيقي قد صار عبرة إلى معنى آخر وهو انشاء النهى عن الاضرار ولو صح ما ذكره لما صح الا من هذا الطريق وهو أيضا مجاز كمالا يخفى والحاصل ان شيوعه ليس موجبا لظهوره فيه ابتداءا أو مع تعذر الحقيقة مع انفتاح باب المحتملات التي أفادها الاعلام الا ان تدفع بما أوضحناه.
والحاصل ان اطلاق النفي وإرادة النهي وإن كان شايعا كما استشهد من الشواهد الا انه ليس بمثابة يكون من المجازات الراجحة عند تعذر الحقيقة لان