لا يكون على نحو الحقيقة; لوجود الأحكام الضررية في الإسلام كالزكاة والخمس والكفارات وغيرها.
بل لو أغمض عن ذلك - أيضا - لا يمكن الحمل على الحقيقة; لأن المراد من نفي الضرر نفي الأحكام، ولهذا يكون دليله حاكما على أدلة الأحكام، وإطلاق لفظ (لا ضرر ولا ضرار) وإرادة نفي الأحكام الضررية مع كون الاستعمال على وجه الحقيقة، مما لا يجتمعان، فإذن يكون ذلك من الحقيقة الادعائية.
والفرق بينه وبين ما ذكرنا في ضمن احتمالات كلام الشيخ: أنه بناء على ما ذكرنا ترجع دعوى المتكلم إلى أن الأحكام المؤدية إلى الضرر هي عين حقيقة الضرر، ومصحح الادعاء هي علاقة السببية والمسببية، وعلى ما ذكره - رحمه الله - ترجع إلى أن ما هو موجود بمنزلة المعدوم لقلع مادته وقطع أسبابه، فما ذكرنا من قبيل تنزيل السبب منزلة المسبب وتطبيق عنوان المسبب عليه بعد الادعاء، وما ذكره من قبيل تنزيل الموجود منزلة المعدوم لقلع موجباته وقطع أسبابه.
ومنها: أن يقال: إن الحقيقة الادعائية بمعنى تنزيل الموجود منزلة المعدوم، لكن لا باعتبار ما ذكرنا آنفا، بل باعتبار أن الضرر الواقع قليل طفيف; بحيث ينزل منزلة المعدوم، ويدعى أنه لا ضرر في الإسلام، ويجعل هذه الدعوى كناية عن نفي الأحكام الضررية.