بعض الأعاظم (1) (قدس سره) ورد النجف الأشرف في أيام حياة المصنف (ره) فسأل في بعض مجالسه عن عباءة تنجس جانب منها غير معين وطهر منها جانب معين يحتمل كونه المتنجس فلاقى بدن المصلي كلا من جانبيها المطهر وغير المطهر، زاعما (قدس سره) أن مقتضى استصحاب نجاسة الجانب المتنجس نجاسة البدن الملاقي للعلم بملاقاته له، مع أنه لو فرض ملاقاة البدن للجانب غير المطهر فقط لم يحكم بنجاسته بناء على طهارة الملاقي لاحد أطراف الشبهة المحصورة فكيف يحكم بنجاسة البدن لو لاقى الجانب المطهر بعد ملاقاته للجانب المحتمل للنجاسة مع العلم بأن ملاقاته للجانب المطهر لا تؤثر فيه نجاسة أصلا؟ فكان المتحصل في الجواب هو طهارة البدن لعدم جريان استصحاب النجاسة لكون موضوعه الفرد المردد.
واشتهرت هذه المسألة بمسألة العباءة. ثم إنه كما لا يجوز استصحاب الفرد المردد لا يجوز استصحاب المفهوم المردد كما لو شك في مفهوم الكر أنه ما يساوي ثلاثة وأربعين شبرا تقريبا أو ما يساوي سبعة وعشرين فوجد ماء بالمقدار الأول ثم نقص حتى صار بالمقدار الثاني فلا يصح استصحاب الكرية، وكذا لو شك في أن النهار ينتهي بغياب القرص أو بذهاب الحمرة المشرقية لا مجال لاستصحاب النهار بعد غياب القرص، أو شك في أن العدالة اجتناب الكبائر مطلقا أو مع منافيات المروءة فوجد شخص مجتنبا للجميع ثم ارتكب بعض منافيات المروءة فلا يصح استصحاب العدالة... إلى غير ذلك من الموارد التي يشك فيها في بقاء المفهوم لتردده بين مفهومين يعلم بارتفاع أحدهما وببقاء الآخر فإنه لا يجوز الاستصحاب فيها لما ذكر من أن المفهوم المردد ليس موضوعا للأثر والمعين لم تجتمع فيه أركان الاستصحاب والله سبحانه أعلم.