حكم العقل باستحقاق العقوبة أيضا غير قابل لتعلق الجعل الشرعي به (وبذلك) ظهر اندفاع ما يقال من أن مرجع جعل السببية إلى جعل المسبب عند تحقق السبب كما في جعل سببية الدلوك لوجوب الصلاة الراجع جعلها إلى جعل الوجوب للصلاة عند الدلوك (وذلك) لما عرفت من عدم قابلية المسبب هنا للجعل (نعم) ما هو قابل له ليس الا ما صرح به من الحجية التي هي نحو اعتبار موجب لحكم العقل بالقاطعية للعذر كما في القطع، غير أنه في القطع من جهة تمامية كشفه يكون ذلك منجعلا وفى الامارات يكون مجعولا (ولكنه) قد عرفت انه مما لا يساعد عليه الاعتبار والوجدان فلا وجه حينئذ لما التزم به من حمل أوامر الطرق على الارشاد إلى حكم العقل بالموافقة بملاحظة كشفها عن الحجية المجعولة إذ لا داعي إلى الالتزام بمثله بعد فرض صلاحية الأوامر المزبورة مع بقائها على مولويتها للمنجزية كأوامر الاحتياط على ما اعترف به قدس سره فتدبر ومنها ما عن بعض الأساطين قدس سره، من دعوى ان تلك الأوامر ايجابات طرقية ناشئة عن إرادات جدية لحفظ الواقعيات ومثل لذلك بما إذا فقد من الانسان جوهر نفيس بين أحجار ولم يتمكن من تمييزه لظلمه أو غيرها، حيث إنه يتمشى منه الإرادة لاخذ كل واحد من تلك الأحجار، مع وضوح ان ارادته المتعلقة بأخذ تلك الأحجار ليست إرادة نفسية لغرض في تلك الأحجار، وانما هي إرادة طريقية تعلقت باخذها لتحصيل ذلك الجوهر (ثم قال) كما أن الامر هذا في الإرادة التكوينية في المثال (كذلك) في الإرادة التشريعية المتعلقة بفعل الغير وان الامارات المطابقة للواقعيات بمنزلة ذلك الجوهر، والامارات المخالفة للواقع بمنزلة تلك الأحجار من حيث إن الإرادة المتعلقة بها إرادة طريقية ناشئة عن غرض هو حفظ الواقع في موارد الامارات المطابقة، وبذلك تكون تلك الأوامر المتعلقة بالطرق صالحة للمنجزية والداعوية بلحاظ نشوها عن إرادة نفسية حتى في موارد الامارات المخالفة للواقع، وانها من هذه الجهة تشبه الموضوعية، غير أن الفرق بينهما من حيث استحقاق العقوبة على الموضوعية على مخالفة الامارة مطلقا بخلاف ذلك فإنه في فرض مخالفتها للواقع لا يترتب على مخالفة الامارة الا التجري (وفيه) ان ما أفيد في المثال فهو على خلاف الوجدان حيث يرى بالضرورة انه ليس في البين الا
(٧٦)