" واما الوجه الثاني " فيما أورده شيخنا العلامة الأنصاري قدس سره من منع اقتضاء الآية لمطلوبية الحذر مطلقا ولو مع عدم حصول العلم للمنذرين بالفتح فإنه لا اطلاق للآية من هذه الجهة وانما اطلاقها مسوق لبيان ايجاب الانذار على المنذرين بالكسر بما هو الواقع من الأحكام الشرعية لا لبيان وجوب الحذر والقبول مطلقا فيمكن حينئذ ان يكون مطلوبية الحذر عند الانذار منوطا بحصول العلم فالمعنى انه يجب الانذار بالواقع لعله يحصل لهم العلم بالواقع فيحذرون كما يشهد لذلك استشهاد الإمام (ع) بتلك الآية على وجوب النفر لمعرفة الامام وانذار المتخلفين بما رأوه من اثار الإمامة (كما) في صحيحة يعقوب بن شعيب قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا حدث على الامام حدث كيف يصنع الناس قال (ع) أين قول الله عز وجل فلولا نفر الخ ثم قال هم في عذر ما داموا في الطلب وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم (وصحيح) عبد الاعلى ومحمد بن مسلم وغيرها من الاخبار المتضمنة لاستشهاد الإمام (ع) بهذه الآية على وجوب النفر لمعرفة الامام ووجوب انذار المتخلفين مع وضوح عدم ثبوت الإمامة الا بالعلم فان في ذلك شهادة على ما ذكرنا من عدم تكفل الآية لاثبات مطلوبية الحذر مطلقا (بل) يؤيد ذلك التعبير بالطائفة لان الطائفة عبارة عن الجماعة ومن المعلوم ان اخبار الجماعة بشئ يوجب عادة العلم بذلك الشئ فوجوب الحذر عليهم حينئذ انما كان لحصول العلم للمنذرين وعليه لا دلالة في الآية على حجية خبر غير العلمي (والاشكال) عليه بأنه يتم إذا أريد من الجمع في قوله تعالى ليتفقهوا وقوله تعالى ولينذروا هو انذار مجموع النافرين من حيث المجموع واما بناء على ما هو الظاهر من إرادة الجمع الاستغراقي الافرادي فلا يبقى موقع لهذا الاشكال (مدفوع بان) كون الجمع في تلك الفقرات على نحو العموم الاستغراقي لا المجموعي لا يقتضى الا وجوب الانذار على كل واحد واما كون موضوع الوجوب اخبار كل فرد حتى في حال الانفراد فيتوقف على اطلاق حالي بالنسبة إلى ذلك وبعد فرض اهمال الآية من هذه الجهة لا يكفي مجرد وجوب الانذار على كل واحد بنحو الاستغراق لاثبات اطلاق الآية من تلك الجهة الا إذا فرض كون المراد من الآية وجوب انذار كل واحد من النافرين لطائفة من المتخلفين فإنه يلازم الاطلاق من تلك الجهة
(١٢٧)