وهذه العلة موجودة في مواضع الاستصحاب، [فيجب العمل به].
الوجه الرابع: أطبق العلماء على أن مع عدم الدلالة الشرعية يجب (بقاء) (1) الحكم على ما تقتضيه البراءة الأصلية، ولا معنى للاستصحاب الا هذا.
فان قال: ليس هذا استصحابا، بل هو ابقاء الحكم على ما كان، لا حكما بالاستصحاب.
قلنا: [نحن] نعني بالاستصحاب هذا القدر، لا نعني به شيئا سوى ذلك.
احتج المانع:
بأن ذلك (حكم) (2) بغير دليل، فيكون باطلا.
أما انه حكم بغير دليل، فلأن ثبوت الحكم بالدليل في وقت أوفي حال لا يتناول ما عدا تلك الحال وذلك الزمان، فلو حكم بذلك الحكم في الحال الثاني، لكان حكما بغير دليل.
وأما أن الحكم بغير دليل باطل، فبالاتفاق.
الوجه الثاني: لو كان الاستصحاب حجة، لوجب فيمن علم زيدا في الدار ولم يعلم خروجه أن يقطع ببقائه فيها وكذا كان يلزم إذا علم أن زيدا حي، [ثم] انقضت مدة ولا يعلم فيها موته، أن يقطع ببقائه، وكل ذلك باطل.
الوجه الثالث: استدل بعض الجمهور بأن العمل بالاستصحاب يلزم منه التناقض، فيكون باطلا، وذلك أن الاستدلال به كما يصح أن يكون حجة للمستدل، يصح مثله لخصمه، فإنه إذا قال: الثابت قبل وجود الماء للمصلي المضي في صلاته، فيثبت ذلك الحكم إذا وجد الماء، كان لخصمه أن يقول: