عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ١٧٨

____________________
شخصا غير زيد، على مثل هيئة زيد وشكله، وتخطيطه من جميع الوجوه، بحيث لا تفرق حاسة البصر بينهما أصلا، وان كان مع قرب العهد بزيد، وتكرار المشاهدة له في كل يوم، وفي كل ساعة أم لا يمكن ذلك عقلا في نفس الامر؟.
ثم إذا استدللنا على استحالته بانا نشاهد زيد أو نعلم يقينا أنه زيد كما في قوله تعالى في سورة البقرة، وسورة الانعام: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " (1) وكون الشخص المذكور ممكنا في نفسه، ينافي استلزام المشاهدة لذلك العلم، كان الاستدلال حقا برهانيا.
ويظهر بما قررنا انه يمكن الاستدلال العقلي بالمعجز، وأفادته العلم على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، وعلى امتناع كذبه تعالى لمصلحة معارضة تكون أقوى من مفسدة الكذب، وعلى انه لا مؤثر في خارق العادة الا الله تعالى وعلى انه لا يمكن معارضته، وعلى انه لا يجوز اظهار خارق العادة على يد الكاذب، وأمثال ذلك. وهو ليس باستدلال سمعي كما قررناه، وان كان الأولان لا حاجة لثبوتهما إلى استلزام المعجز للعلم بالصدق.
أما الأول: فظاهر مشهور.
وأما الثاني: فلان الاضطرار إلى القبيح في نفسه لأجل المصلحة يستلزم النقص تعالى الله عنه، لضرورية استحالته على الفاعل بقول (كن) ولا يكفي في اثبات عدم كذبه تعالى قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، كما قد توهمه بعض لما يظهر مما مر في الفصل الأول من عدم استقلال العقل بالاحكام العقلية الواقعية فينا، ويمكن الاستدلال على جميع ذلك باخبار النبي صلى الله عليه واله أيضا، ولا دور.

(١) البقرة: ١٤٦، والانعام: 20.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة مقدمة المؤلف 3
2 فصل في ماهية أصول الفقه وانقسامها وكيفية أبوابها 18
3 فصل في بيان حقيقة العلم وأقسامه ومعنى الدلالة وما يتصرف منها 45
4 فصل في ذكر أقسام أفعال المكلف 123
5 فصل في حقيقة الكلام وبيان أقسامه وجملة من أحكامه وترتيب الأسماء 138
6 فصل في ذكر ما يجب معرفته من صفات الله تعالى وصفات النبي صلى الله عليه وآله وصفات الأئمة عليهم السلام حتى يصح معرفة مرادهم 174
7 فصل في ذكر الوجه الذي يجب أن يحمل عليه مراد الله بخطابه 201
8 (الكلام في الأخبار) فصل في حقيقة الخبر وما به يصير خبرا وبيان أقسامه 230
9 فصل في ان الاخبار قد يحصل عندها العلم وكيفية حصوله وأقسام ذلك 239
10 في كيفية حصول العلم 243
11 فصل في ان الاخبار المروية ما هو كذب والطريق الذي يعلم به 276
12 فصل في ذكر الخبر الواحد وجملة من القول في أحكامه 286
13 رد أدلة من أوجب العمل بخبر الواحد 307
14 مذهب المصنف في الخبر الواحد 336
15 فصل في ذكر القرائن التي تدل على صحة أخبار الآحاد أو على بطلانها وما يرجح به الاخبار بعضها على بعض وحكم المراسيل (التعادل والتراجيح) 367