قاطبة بحيث لا سبيل لهم إليها لا مشاهدة ولا استدلالا ومعنى الإضافة إليهما التعلق بهما إما باعتبار الوقوع فيهما حالا أو مآلا وإما باعتبار الغيبة عن أهلهما والمراد بيان الاختصاص به تعالى من حيث المعلومية حسبما ينبئ عنه عنوان الغيبة لا من حيث المخلوقية والمملوكية وإن كان الأمر كذلك في نفس الأمر وفيه إشعار بأن علمه سبحانه حضوري فإن تحقق الغيوب في نفسها علم بالنسبة إليه تعالى ولذلك لم يقل ولله علم غيب السماوات والأرض «وما أمر الساعة» التي هي أعظم ما وقع فيه المماراة من الغيوب المتعلقة بهما من حيث غيبتها عن أهلهما أو ظهور آثارها فيهما عند وقوعها فإن وقت وقوعها بعينه من الغيوب المختصة به سبحانه وإن كان إنيتها من الغيوب التي نصبت عليها الأدلة أي ما شأنها في سرعة المجيء «إلا كلمح البصر» أي كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها «أو هو» أي بل أمرها فيما ذكر «أقرب» من ذلك وأسرع زمانا بأن يقع في بعض من زمانه فإن ذلك وإن قصر عن حركة أنية لها هوية اتصالية منطبقة على زمان له هوية كذلك قابل للانقسام إلى أبعاض هي أزمنة أيضا بل في آن غير منقسم من ذلك الزمان وهو آن ابتداء تلك الحركة أو ما أمرها إلا كالشئ الذي يستقرب ويقال هو كلمح البصر أو هو أقرب وأياما كان فهو تمثيل لسرعة مجيئها حسبما عبر عنها في فاتحة السورة الشريفة بالإتيان «إن الله على كل شيء قدير» ومن جملة الأشياء أن يجيء بها أسرع ما يكون فهو قادر على ذلك أو وما أمر إقامة الساعة التي كنهها وكيفيتها من الغيوب الخاصة به سبحانه وهي إماتة الأحياء وإيحاء الأموات من الأولين والآخرين وتبديل صور الأكوان أجمعين وقد أنكرها المنكرون وجعلوها من قبيل مالا يدخل تحت الإمكان في سرعة الوقوع وسهولة التأتي إلا كلمح البصر أو هو أقرب على ما مر من الوجهين إن الله على كل شيء قدير فهو قادر على ذلك لا محالة وقيل غيب السماوات والأرض عبارة عن يوم القيامة بعينه لما أن علمه بخصوصه غائب عن أهلهما فوضع الساعة موضع الضمير لتقوية مضمون الجملة «والله أخرجكم من بطون أمهاتكم» عطف على قوله تعالى والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا منتظم معه في سلك أدلة التوحيد من قوله تعالى والله أنزل من السماء ماء وقوله تعالى والله خلقكم وقوله تعالى والله فضل بعضكم على بعض والأمهات بضم الهمزة وقرئ بكسرها أيضا جمع الأمر زيدت الهاء فيه كما زيدت في إهراق من إراق وشذت زيادتها في الواحدة قال * أمهتي خندف واليأس أبى * «لا تعلمون شيئا» في موقع الحال أي غير عالمين شيئا أصلا «وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة» عطف على أخرجكم وليس فيه دلالة على تأخر الجعل المذكور عن الإخراج لما أن مدلول الواو هو الجمع مطلقا لا الترتيب على أن أثر ذلك الجعل لا يظهر قبل الإخراج أي جعل لكم هذه الأشياء آلات تحصلون بها العلم والمعرفة بأن تحسوا بمشاعركم جزئيات الأشياء وتدركوها بأفئدتكم وتتنبهوا لما بينها من المشاركات والمباينات بتكرر الإحساس فيحصل لكم علوم
(١٣١)