«ويجعلون» لعله عطف على ما سبق بحسب المعنى تعدادا لجناياتهم أي يفعلون ما يفعلون من الجؤار إلى الله تعالى عند مساس الضر ومن الإشراك به عند كشفه ويجعلون «لما لا يعلمون» أي لما لا يعلمون حقيقته وقدره الخسيس من الجمادات التي يتخذونها شركاء لله سبحانه وتعالى جهالة وسفاهة ويزعمون أنها تنفعهم وتشفع لهم على أن ما موصولة والعائد إليها محذوف أو لما لا علم له أصلا وليس من شأنه ذلك فما موصولة أيضا والعائد ما في الفعل من الضمير المستكن وصيغة جمع العقلاء لكون ما عبارة عن آلهتهم التي وصفوها بصفات العقلاء أو مصدرية واللام للتعليل أي لعدم علمهم والمجعول له للعلم بمكانه «نصيبا مما رزقناهم» من الزرع والأنعام وغيرهما تقربا إليها «تالله لتسألن» سؤال توبيخ وتقريع «عما كنتم تفترون» في الدنيا بأنها آلهة حقيقة بأن يتقرب إليها وفي تصدير الجملة بالقسم وصرف الكلام من الغيبة إلى الخطاب المنبئ عن كمال الغضب من شدة الوعيد مالا يخفى «ويجعلون لله البنات» هم خزاعة وكنانة الذين يقولون الملائكة بنات الله «سبحانه» تنزيه وتقديس له عز وجل عن مضمون قولهم ذلك أو تعجيب من جرائتهم على التفوه بمثل تلك العظيمة «ولهم ما يشتهون» من البنين وما مرفوعة المحل على أنه مبتدأ والظرف مقدم خبره والجملة حالية وسبحانه اعتراض في حق موقعه وجعلها منصوبة بالعطف على البنات أي يجعلون لأنفسهم ما يشتهون من البنين يؤدى إلى جعل الجعل بمعنى يعم الزعم والاختيار «وإذا بشر أحدهم بالأنثى» أي أخبر بولادتها «ظل وجهه» أي صار أو دام النهار كله «مسودا» من الكآبة والحياء من الناس واسوداد الوجه كناية عن الاغتمام والتشويش «وهو كظيم» ممتلئ حنقا وغيظا «يتوارى» أي يستخفي «من القوم من سوء ما بشر به» من أجل سوئه والتعبير عنها بما لإسقاطه عن درجة العقلاء «أيمسكه» أي مترددا في أمره محدثا نفسه في شأنه أيمسكه «على هون» ذل وقرئ هو أن «أم يدسه» يخفيه «في التراب» بالوأد والتذكير باعتبار لفظ ما وقرئ بالتأنيث «ألا ساء ما يحكمون» حيث يجعلون ما هذا شأنه عندهم من الهون والحقارة لله المتعالي عن الصاحبة والولد والحال أنهم يتحاشون عنه ويختارون لأنفسهم البنين فمدار الخطأ جعلهم ذلك لله سبحانه مع إبائهم إياه لا جعلهم البنين لأنفسهم ولا عدم جعلهم له سبحانه ويجوز أن يكون مداره التعكيس لقوله تعالى تلك إذا قسمة ضيزى
(١٢١)