لكم الطيبات» قيل المراد بالأيام الثلاثة وقت واحد وانما كرر للتأكيد ولا اختلاف الاحداث والواقعة فيه حسن تكريره والمراد بالطيبات ما مر «وطعام الذين أوتوا الكتاب» أي اليهود والنصارى واستثنى على رضي الله تعالى عنه نصارى بني تغلب وقال ليسوا على النصرانية ولم يأخذوا منها الا شرب الخمر وبه اخذ الشافعي رضي الله عنه والمراد بطعامهم ما يتناول ذبائحهم وغيرها «حل لكم» أي حلال وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انه سال عن ذبائح نصارى العرب فقال لا باس وهو قول عامة التابعين وبه اخذ أبو حنيفة رضي الله عنه وأصحابه وحكم الصابئين حكم أهل الكتاب عنده وقال صاحباه هما صنفان صنف يقرؤون الزبور ويعبدون الملائكة عليهم السلام وصنف لا يقرؤون كتابا ويعبدون النجوم فهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب واما المجوس فقد سن بهم سنة أهل الكتاب في اخذ الجزية منهم دون اكل ذبائحهم ونكاح نسائهم لقوله عليه الصلاة والسلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم «وطعامكم حل لهم» فلا عليكم ان تطعموهم وتبيعوه منهم ولو حرم عليهم لم يجز ذلك «والمحصنات من المؤمنات» رفع على انه مبتدأ حذف خبره لدلالة ما تقدم عليه أي حل لكم أيضا والمراد بهم الحرائر العفائف وتخصيصهن بالذكر للبعث على ما هو الأول لا لنفي ما عداهن فان نكاح الايماء المسلمات صحيح بالاتفاق وكذا نكاح غير العفائف منهن واما الايماء الكتابيات فهن كالمسلمات عند أبي حنيفة رضي الله عنه خلافا للشافعي رضي الله عنه «والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم» أي هن أيضا حل لكم وان كن حربيات وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا تحل الحربيات «إذا آتيتموهن أجورهن» أي مهورهن وتقييد الحل بإيتائها لتأكيد وجوبها والحث على الأولى وقيل المراد بإيتاءها التزامها وإذا ظرفية عاملها حل المحذوف وقيل شرطية حذف جوابها أي إذا آتيتموهن أجورهن حللن لكم «محصنين» حال من فاعل آتيتموهن أي حال كونكم اعفاء بالنكاح وكذا قوله تعالى «غير مسافحين» وقيل هو حال من ضمير محصنين وقيل صفة لمحصنين أي غير مجاهرين بالزنا «ولا متخذي أخدان» أي ولا مصرين به والخدم الصديق يقع على الذكر والأنثى وهو اما مجرور عطفا على مسافحين وزيدت لا لتأكيد النفي المستفاد من غير أو منصوب عطفا على غير مسافحين باعتبار أوجه الثلاثة «ومن يكفر بالإيمان» أي ومن ينكر شرائع الاسلام التي من جملتها ما بين ههنا من الاحكام المتعلقة بالحل والحرمة ويمتنع عن قبولها «فقد حبط عمله» الصالح الذي عمل قبل ذلك «لكم الدار الآخرة عند الله» وهو مبتدأ من الخاسرين خبره وفي متعلقة بما تعلق به الخبر من الكون المطلق وقيل بمحذوف دل عليه المذكور أي خاسرة بالآخرة وقيل بالخاسرين على ان الألف واللام للتعريف لا موصولة لان ما بعدها لا يعمل فيما قبلها وقيل يغتفر في الظرف ما لا يغتفر في غيره كما في قوله:
ربيته حي إذا تمعددا * كان جزائي بالعصا أن أجلدا.