كان ذلك لهما روحا وسلامة كالنار لإبراهيم وملائكة العذاب عليهم السلام وروى ان هارون مات في النية ومات موسى بعده بسنه ودخل يوشع أريحا بعد موته بثلاثة أشهر ولا يساعده ظاهر النظم الكريم فإنه تعالى بعد ما قبل دعوته على بني إسرائيل وعذبهم بالتيه بعيدان ينجى بعض المدعو عليهم أو ذراريهم ويقدر وفاتهما في محل العقوبة ظاهرا وان كان ذلك لهما منزل روح وراحة وقد قيل انهما لم يكونا معهم في التيه وهو الأنسب بتفسير الفرق بالمباعدة ومن قال بأنهما كانا معهم فيه فقد فسر الفرق بما ذكر من الحكم بما يستحقه كل فريق «فلا تأس» فلا تحزن «على القوم الفاسقين» روى انه عليه السلام ندم على دعاءه عليهم فقيل لا تندم ولا تحزن فإنهم أحقاء بذلك لفسقهم «واتل عليهم» عطف على مقدر تعلق به قوله تعالى وإذا قال موسى الخ وتعلقه به من حيث انه تمهيد لما سيأتي من جنايات بنى إسرائيل بعد ما كتب عليهم ما كتب وجاءتهم الرسل بما جاءت به من البينات «نبأ ابني آدم» هما قابيل وهابيل ونقل عن الحسن والضحاك انهما رجلان من بنى إسرائيل بقرينه آخر القصة وليس كذلك أوحى الله عز وجل إلى ادم ان يزوج كلا منهما توأمة الاخر وكانت توأمة قابيل أجمل واسمها إقليما فحسد عليها أخاه وسخط وزعم ان ذلك ليس من عند الله تعالى بل من جهة ادم عليه السلام فقال لهما عليه السلام قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها ففعلا فنزلت نار على قربان هابيل فأكلته ولم تتعرض لقربان قابيل فازداد قابيل حسدا وسخطا وفعل ما فعل «بالحق» متعلق بمحذوف وقع صفه لمصدر محذوف أي تلاوة ملتبسه با لحق والصحة أو حالا من فاعل أتل أو من مفعوله اى ملتبسا أنت أو نبأهما بالحق والصدق حسبما تقرر في كتب الأولين «إذ قربا قربانا» منصوب بالنبأ ظرف له اى أتل قصتهما ونبأهما في ذلك الوقت وقيل بدل منه على حذف المضاف اى أتل عليهم نبأهما نبا ذلك الوقت ورد عليه بان إذ لا يضاف اليهما غير الزمان كوقتئذ وحينئذ والقربان اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى من نسك أو صدقه كالحلوان اسم لما يحلى اى يعطى وتوحيده لما انه في الأصل مصدر وقيل تقديره إذ قرب كل منهما قربانا «فتقبل من أحدهما» هو هابيل قيل كان هو صاحب ضرع وقرب جملا سمينا فنزلت نار فأكلته «ولم يتقبل من الآخر» هو قابيل قيل كان هو صاحب زرع وقرب أردأ ما عنده من القمح فلم تتعرض له النار أصلا «قال» استئناف مبني على سؤال نشا من سوق الكلام كأنه قيل فماذا قال من لم يتقبل قربانه فقيل قال لأخيه لتضاعف سخطه وحسده لما ظهر فضله عليه عند الله عز وجل «لأقتلنك» اى والله لأقتلنك بالنون المشددة وقرئ بالمخففة «قال» استئناف كما قبله اى قال الذي تقبل قربانه لما رأى ان حسده لقبول قربانه وعدم قبول قربانه نفسه «إنما يتقبل الله» اى القربان «من المتقين» لامن غيرهم وانما تقبل قرباني ورد قربانك لما فينا من التقوى وعدمه اى انما اتيت من قبل نفسك لا من
(٢٦)