أراد ان يهلك المسيح لتهويل الخطب واظهار كمال العجز بيان ان الكل تحت قهره تعالى وملكوته لا يقدر أحد على دفع ما أريد به فضلا عن دفه ما أريد بغيره وايذان لان المسيح أسوة لسائر المخلوقات في كونه عرضة للهلاك كما انه أسوة لها فيما ذكر من العجز وعد استحقاق الألوهية وتخصيص أمه بالذكر مع اندراجها في ضمن من في الأرض بزيادة تأكيد عجز المسيح ولعل نظمها في سلك من فرض إرادة اهلاكهم مع تحقيق هلاكها قبل ذلك لتأكيد التبكيت وزيادة تقرير مضمون الكلام يجعل حالها أنموذجا لحال بقية من فرض اهلاكه كأنه قيل قل فمن يملك من الله شيئا ان أراد ان يهلك المسيح وأمه ومن في الأرض وقد أهلك أمه فهل مانعه أحد فكذا حال من عداها من الموجودين وقوله تعالى «ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما» أي ما بين قطري العالم الجسماني لا بين وجه الأرض ومقعر فلك القمر فقط فيتناول ما في السماوات من الملائكة عليهم السلام وما في أعماق الأرض والبحار من المخلوقات تنصيص على كون الكل تحت قهره تعالى وملكوته اثر الإشارة إلى كون البعض أي من في الأرض كذلك أي له تعالى وحده ملك جميع الموجودات والتصرف المطلق فيها ايجادا وإعداما واحياء وإماتة لا لاحد سواه استقلال ولا اشتراكا فهو تحقيق لاختصاص الألوهية به تعالى اثر بيان انتفائها عن كل ما سواه وقوله تعالى «يخلق ما يشاء» جملة مستأنفة مسوقة لبيان بعض احكام الملك والألوهية على وجه يزيح ما اعتراهم من الشبهة في امر المسيح لولادته من غير أب وخلق الطير واحياء الموتى وابراء الأكمه والأبرص أي يخلق ما يشاء من أنواع الخلق والايجاد على ان ما نكره وصوفة محلها النصب على المصدر به لا على المفعولية كأنه قيل يخلق أي خلق يشاء فتارة يخلق من غير أصل كخلق السماوات والأرض وأخرى من أصل كخلق ما بينهما فينشىء من أصل ليس من جنسه كخلق ادم وكثير من الحيوانات من أصل يجانسه اما من ذكر وحده كخلق حواء أو أنثى وحدها كخلق عيسى عليه السلام أو منهما كخلق سائر الناس ويخلق بلا توسط شيء من المخلوقات كخلق عامة المخلوقات وقد يخلق بتوسط مخلوق اخر كخلق الطير على يد عيسى عليه السلام معجزة له واحياء الموتى وابراء الأكمه والأبرص وغير ذلك فيجب ان ينسب كله اليه تعالى لا إلى من اجرى ذلك على يده «والله على كل شيء قدير» اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله واظهار الاسم الجليل للتعليل وتقوية استقلال الجملة «وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه» حكاية لما صدر عن الفريقين من الدعوى الباطلة وبيان لبطلانها بعد ذكر ما صدر عن أحدهما وبيان بطلانه أي قالت اليهود نحن أشياع ابنة عزير وقالت النصارى نحن أشياع ابنه المسيح كما قيل لأشياع أبي خبيب وهو عبد الله بن الزبير الخبيبيون وكما يقول أقارب الملوك عند المفاخرة نحن الملوك وقال ابن
(٢٠)