هي المأوي أي مأواهم وقوله تعالى مفتحة لهم الأبواب أي أبوابها وإما العموم في مصلحين فإنه من الروابط ومنه نعم الرجل زيد على أحد الوجوه وقيل الخبر محذوف والتقدير والذين يمسكون بالكتاب مأجورون أو مثابون وقوله تعالى إنا لا نضيع الخ اعتراض مقرر لما قبله «وإذ نتقنا الجبل فوقهم» أي قلعناه من مكانه ورفعناه عليهم « كأنه ظلة» أي سقيفة وهي كل ما أظلك «وظنوا» أي تيقنوا «أنه واقع بهم» ساقط عليهم لأن الجبل لا يثبت في الجو لأنهم كانوا يوعدون به وإطلاق الظن في الحكاية لعدم وقوع متعلقه وذلك أنهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة لثقلها فرفع الله تعالى عليهم الطور وقيل لهم إن قبلتم ما فيها فبها وإلا ليقعن عليكم «خذوا ما آتيناكم» أي وقلنا أو قائلين خذوا ما آتيناكم من الكتاب «بقوة» بحد وعزيمة على تحمل مشاقه وهو حال من الواو «واذكروا ما فيه» بالعمل ولا تتركوه كالمنسي «لعلكم تتقون» بذلك قبائح الأعمال ورذائل الأخلاق أو راجين أن تنتظموا في سلك المتقين «وإذ أخذ ربك» منصوب بمضمر معطوف على ما انتصب به إذ نتقنا مسوق للاحتجاج على اليهود بتذكير الميثاق العام المنتظم للناس قاطبة وتوبيخهم بنقضه إثر الاحتجاج عليهم بتذكير ميثاق الطور وتعليق الذكر بالوقت مع أن المقصود تذكير ما وقع فيه من الحوادث قد مر بيانه مرارا أي واذكر لهم أخذ ربك «من بني آدم» المراد بهم الذين ولدهم كائنا من كان نسلا بعد نسل سوى من لم يولد له بسبب من الأسباب كالعقم وعدم التزوج والموت صغير وإيثار الأخذ على الإخراج للإيذان بالاعتناء بشأن المأخوذ لما فيه من الأنباء عن الاجتناء والاصطفاء هو السبب في إسناده إلى اسم الرب بطريق الالتفات مع ما فيه من التمهيد للاستفهام الآتي وإضافته إلى ضميره صلى الله عليه وسلم للتشريف وقوله تعالى «من ظهورهم» بدل من بني آدم بدل البعض بتكرير الجار كما في قوله تعالى للذين استضعفوا لمن آمن منهم ومن في الموضعين ابتدائية وفيه مزيد تقرير لابتنائه على البيان بعد الإبهام والتفصيل غب الإجمال وتنبيه على أن الميثاق قد أخذ منهم وهم في أصلاب الاباء ولم يستودعوا في أرحام الأمهات وقوله تعالى «ذريتهم» مفعول أخذ أخر عن المفعول بواسطة الجار لاشتماله على ضمير راجع إليه ولمراعاة أصالته ومنشيته ولما مرا مرارا من التشويق إلى المؤخر وقرئ ذرياتهم والمراد بهم أولادهم على العموم فيندرج فيهم اليهود المعاصرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم اندراجا أوليا كما اندرج أسلافهم في بني آدم كذلك وتخصيصهما باليهود سلفا وخلفا مع أن ما أريد بيانه من بديع صنع الله تعالى عز وجل شامل للكل كافة مخل بفخامة التنزيل وجزالة التمثيل «وأشهدهم على أنفسهم» اي أشهد كل واحدة من أولئك الذريات المأخوذين من
(٢٨٩)