تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٦٠
ما فيهما من الأحكام التي من جملتها شواهد نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ومبشرات بعثته فإن إقامتهما إنما تكون بلك لا بمراعاة جميع ما فيهما من الأحكام لانتساخ بعضها بنزول القرآن فليست مراعاة الكل من إقامتهما في شيء «وما أنزل إليهم من ربهم» من القرآن المجيد المصدق لكتبهم وإيراده بهذا العنوان للإيذان بوجوب إقامته عليهم لنزوله إليهم وللتصريح ببطلان ما كانوا يدعونه من عدم نزوله إلى بني إسرائيل وتقديم إليهم لما مر من قبل وفي إضافة الرب إلى ضميرهم مزيد لطف بهم في الدعوة إلى الإقامة وقيل المراد بما أنزل إليهم كتب أنبياء بني إسرائيل مثل كتاب شعياء وكتاب حيقوق وكتاب دانيال فإنها مملوءة بالبشارة بمبعثه صلى الله عليه وسلم «لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم» أي لوسع عليهم أرزاقهم بأن يفيض عليهم بركات السماء والأرض أو بأن يكثر ثمرات الأشجار وغلال الزروع أو بأن يرزقهم الجنان اليانعة الثمار فيجتنوا ما تهدل منها من رؤوس الأشجار ويلتقطوا ما تساقط منها على الأرض وقيل المراد المبالغة في شرح السعة والخصب لا تعيين الجهتين كأنه قيل لأكلوا من كل جهة ومفعول أكلوا محذوف لقصد التعميم أو للقصد إلى نفس الفعل كما في قوله فلان يعطي ويمنع ومن في الموضعين لابتداء الغاية في هاتين الشرطيتين من حثهم على ما ذكر من الإيمان والتقوى والإقامة بالوعد بنيل سعادة الدارين وزجرهم عن الإخلال بما ذكر ببيان إفضائه إلى الحرمان عنها وتنبيههم على أن ما أصابهم من الضنك والضيق إنما هو من شؤم جناياتهم لا لقصور في فيض الفياض ما لا يخفى «منهم أمة مقتصدة» جملة مستأنفة مبنية على سؤال نشأ من مضمون الجملتين المصدرتين بحرف الامتناع الدالتين على انتفاء الإيمان والاتقاء وإقامة الكتب المنزلة من أهل الكتاب كأنه قيل هل كلهم كذلك مصرون على عدم الإيمان الخ فقيل منهم أمة مقتصدة إما على أن منهم مبتدأ باعتبار مضمونه أي بعضهم أمة وإما بتقدير الموصوف أي بعض كائن منهم كما مر في قوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله الآية أي طائفة معتدلة وهم المؤمنون منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه وثمانية وأربعون من النصارى وقيل طائفة حالهم أمم في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم «وكثير منهم» مبتدأ لتخصصه بالصفة خبره «ساء ما يعملون» أي مقول في حقهم هذا القول أي بئسما يعملون وفيه معنى التعجب أي ما أسوأ عملهم من العناد والمكابرة وتحريف الحق والإعراض عنه والإفراط في العداوة وهم الأجلاف المتعصبون ككعب من الأشرف وأشباهه والروم «يا أيها الرسول» نودي صلى الله عليه وسلم بعنوان الرسالة تشريفا له وإيذانا بأنها موجبات الإتيان بما أمر به من تبليغ ما أوحي إليه «بلغ ما أنزل إليك» أي جميع ما انزل إليك من الأحكام وما يتعلق بها كائنا ما كان وفي قوله تعالى «من ربك» أي مالك أمورك ومبلغك إلى كمالك اللائق بك عدة ضمنية بحفظه صلى الله عليه وسلم وكلاءته أي بلغه غير مراقب في ذلك أحد ولا خائف أن ينالك مكروه أبدا «وإن لم تفعل» ما أمرت به من تبليغ الجميع بالمعنى المذكور كما ينبئ عنه قوله تعالى «فما بلغت رسالته» فإن ما لا تتعلق به الأحكام
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302