تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٤
حال من المستكن في امين لا صفة له لان المختار ان اسم الفاعل إذا وصف بطل عمله أي قاصدين زيارته حال كونهم طالبين ان يثيبهم الله تعالى ويرضى عنهم وتنكير فضلا ورضوانا للتفخيم ومن ربهم متعلق بنفس الفعل أو بمحذوف وقع صفة لفضلا مغنية عن وصف ما عطف عليه بها أي فضلا كائنا من ربهم ورضوانا كذلك والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم لتشريفهم والاشعار بحصول مبتغاهم وقرئ تبتغون على الخطاب فالجملة حينئذ حال من ضمير المخاطبين في لا تحلوا على ان المراد بيان منافاة حالهم هذه للمنهى عنه لا تقييد النهي بها وإضافة الرب إلى ضمير الأمين للايماء إلى اقتصار التشريف عليهم وحرمان المخاطبين عنه وعن نيل المبتغى وفي ذلك من تعليل النهي وتأكيده والمبالغة في استنكار المنهى عنه مالا يخفى ومن ههنا قيل ان المراد بالأمين هم المسلمون خاصة وبه تمسك من ذهب إلى ان الآية وقد روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال سورة المائدة من اخر القران نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها وقال الحسن رحمه الله تعالى ليس فيها منسوخ وعن أبي ميسرة فيها ثماني عشرة فريضة وليس فيها منسوخ وقد قيل هم المشركون خاصة لأنهم المحتاجون إلى نهي المؤمنين عن إحلالهم دون المؤمنين على ان حرمة إحلالهم ثبتت بطريق دلالة النص ويؤيده ان الآية نزلت في الحطم بن ضبعة البكري وقد كان اتى المدينة فخلف خيله خارجها فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وحده ووعده ان يأتي بأصحابه فيسلموا ثم خرج من عنده عليه السلام فمر بسرح المدينة فاستاقه فلما كان في العام القابل خرج من اليمامة حاجا في حجاج بكر بن وائل ومعه تجارة عظيمة وقد قلدوا الهدى فسال المسلمون النبي صلى الله عليه وسلم ان يخلى بينهم وبينه فأباه النبي صلى الله عليه وسلم فانزل الله عز وجل يا أيها الذين امنوا لا تحلوا شعائر الله الآية وفسر ابتغاء الفضل بطلب الرزق بالتجارة وابتغاء الرضوان بأنهم كانوا يزعمون انهم على سداد من دينهم وان الحج يقربهم إلى الله تعالى فوصفهم الله تعالى بظنهم وذلك الظن الفاسد وان كان بمعزل من استتباع رضوانه تعالى لكن لا بعد في كونه مدارا لحصول بعض مقاصدهم الدنيوية وخلاصهم عن المكاره العاجلة لا سيما في ضمن مراعاة حقوق الله تعالى وتعظيم شعائره وقال قتادة هو ان يصلح معايشهم في الدنيا ولا يعجل لهم العقوبة فيها وقيل هم المسلمون والمشركون لما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ان المسلمين والمشركين كانوا يحجون جميعا فنهى الله المسلمين ان يمنعوا أحدا عن حج البيت بقوله تعالى لا تحلوا الآية ثم نزل بعد ذلك انما المشركون نجس فلا تقربوا المسجد الحرام وقوله تعالى ما كان للمشركين ان يعمروا مساجد الله وقال مجاهد والشعبي لا تحلوا نسخ بقوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ولا ريب في تناول الأمين للمشركين قطعا اما استقلالا واما اشتراكا سيأتي من قوله تعالى ولا يجر منكم شنان قوم الخ فيتعين النسخ كلا أو بعضا ولا بد في الوجه الأخير من تفسير الفضل والرضوان ان يناسب الفريقين فقيل ابتغاء الفضل أي الرزق للمؤمنين والمشركين عامة وابتغاء الرضوان للمؤمنين خاصة ويجوز ان يكون الفضل على اطلاقه شاملا للفضل الأخروي أيضا ويختص ابتغاؤه بالمؤمنين «وإذا حللتم فاصطادوا» تصريح بما أشير اليه بقوله تعالى وأنتم حرم من انتهاء حرمة الصيد بانتفاء موجبها والامر للإباحة بعد الحظر كأنه قيل وإذا حللتم فلا جناح عليكم في الاصطياد وقرئ أحللتم وهو لغة في حلى وقرئ بكسر الفاء بالقاء حركة همزة الوصل عليها وهو
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302