تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٤٧
احذرهم مخافة أن يفتنوك وإعادة ما أنزل الله لتأكيد التحذير بتهويل الخطب روي أن أحبار اليهود قالوا اذهبوا بنا إلى محمد فلعلنا نفتنه عن دينه فذهبوا إليه صلى الله عليه وسلم وقالوا يا ابا القاسم قد عرفت أنا أحبار اليهود وأنا من اتبعناك اتبعنا اليهود كلهم وأن بيننا وبين قومنا خصومة فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بط ونصدقك فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت «فإن تولوا» أي أعرضوا عن الحكم بما أنزل الله تعالى وأرادوا غيره «فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم» أي بذنب توليهم عن حكم الله عز وجل وإنما عبر عنه بذلك إيذانا بأن لهم ذنوبا كثيرة هذا مع كمال عظمه واحد من جملتها وفي هذا الإبهام تعظيم للتولي كما في قول لبيد أو يرتبط بعض النفوس حمامها يريد به نفسه أي نفسا كبيرة ونفسا أي نفس «وإن كثيرا من الناس لفاسقون» أي متمردين في الكفر مصرون عليه خارجون عن الحدود المعهودة وهو اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قوله «أفحكم الجاهلية يبغون» إنكار وتعجيب من حالهم وتوبيخ لهم والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي يتولون عن حكمك فيبغون حكم الجاهلية وتقديم المفعول للتخصيص المفيد لتأكيد الإنكار والتعجيب لأن التولي عن حكمه صلى الله عليه وسلم وطلب حكم آخر منكر عجيب وطلب حكم الجاهلية أقبح وأعجب والمراد بالجاهلية إما الملة الجاهلية التي هي متابعة الهوى الموجبة للميل والمداهنة في الأحكام فيكون تعييرا لليهود بأنهم مع كونهم أهل كتاب وعلم يبغون حكم الجاهلية التي هي هوى وجهل لا يصدر عن كتاب ولا يرجع إلى وحي وإما أهل الجاهلية وحكمهم ما كانوا عليه من التفاضل فيما بين القتلى حيث روى أن بني النضير لما تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خصومه قتل وقعت بينهم وبين بني قريظة طلبوا إليه صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم بما كان عليه أهل الجاهلية من التفاضل فقال صلى الله عليه وسلم القتلى سواء فقال بنو النضير نحن لا نرضى بذلك فنزلت وقرئ برفع الحكم على أنه مبتدأ ويبغون خبره والراجع محذوف حذفه في قوله تعالى أهذا الذي بعث الله رسولا وقد استضعف ذلك في غير الشعر وقرئ بقاء الخطاب إما بالالتفات لتشديد التوبيخ وإما بتقدير القول أي قل لهم أفحكم الخ وقرئ بفتح الحاء والكاف أي أفحاكما كحكام الجاهلية يبغون «ومن أحسن من الله حكما» إنكار لأن يكون أحد حكمه أحسن من حكمه تعالى أو مساو له وإن كان ظاهر السبك غير متعرض لنفي المساواة وإنكارها وقد مر تفصيله في تفسير قوله تعالى ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله «لقوم يوقنون» أي عندهم واللام كما في هيت لك أي هذا الاستفهام لهم فإنهم الذين يتدبرون الأمور بأنظارهم فيعلمون يقينا ان حكم الله عز وجل أحسن الأحكام وأعد لها «يا أيها الذين آمنوا» خطاب يعم حكمه كافة المؤمنين من المخلصين وغيرهم وإن كان سبب وروده بعضا منهم كما سيأتي
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302