«حرمت عليكم الميتة» شروع في بيان المحرمات التي أشير إليها بقوله تعالى الا ما يتلى عليكم والميتة ما فارقه الروح من غير ذبح «والدم» أي المسفوح منه لقوله تعالى أو دما مسفوحا وكان أهل الجاهلية يصبونه في الأمعاء ويشوونه ويقولون لم يحرم من فزدله أي من فصد له «ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به» أي رفع الصوت لغير الله عند ذبحه كقولهم باسم اللات والعزى «والمنخنقة» أي التي ماتت بالخنق «والموقوذة» أي التي قتلت بالضرب بالخشب ونحوه من وقذته إذا ضربته «والمتردية» أي التي تردت من علو أو إلى بئر فماتت «والنطيحة» أي التي نطحتها أخرى فماتت بالنطح والتاء للنقل وقرئ والمنطوحة «وما أكل السبع» أي وما اكل منه السبع فمات وقرئ بسكون الباء وقرئ وأكيل السبع وفيه دليل على ان جوارح الصيد إذا اكلت مما صادته لم يحل «إلا ما ذكيتم» الا ما أدركتم ذكاته وفيه بقية حياة يضطرب اضطراب المذبوح وقيل الاستثناء مخصوص بما اكل السبع والذكاة في الشرع بقطع الحلقوم والمرىء بمحدد «وما ذبح على النصب» قيل هو منفرد وقيل جمع نصاب وقرئ بسكون الصاد وأيا ما كان فهو واحد الأنصاب وهي أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة وقيل هي الأصنام «وأن تستقسموا بالأزلام» جمع زلم وهو القدح أي وحرم عليكم الاستقسام بالأقداح وذلك انهم إذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة أقداح مكتوب على أحدها امرني ربي وعلى الثاني نهاني ربي وعلى الثالث فان خرج الامر مضوا على ذلك وان خرج الناهي اجتنبوا عنه وان خرج الغافل أجالوها مرة أخرى فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم بالأزلام وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح على الأنصباء المعهودة «ذلكم» إشارة إلى الاستقسام بالأزلام ومعنى البعد فيه للإشارة إلى بعد منزلته في الشر «فسق» تمرد وخروج عن الحدود دخول في علم الغيب وضلال باعتقاد انه طريق اليه وافتراء على الله سبحانه ان كان هو المراد بقولهم ربي وشرك وجهالة ان كان هو الصنم وقيل ذلكم إشارة إلى تناول المحرمات المعدودة لان معنى تحريمها تحريم تناولها «اليوم» اللام للعهد والمراد به الزمان الحاضر وما يتصل به من الأزمنة الماضية الآتية وقيل يوم نزولها وقد نزلت بعد عصر الجمعة يوم عرفة في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على العضباء فكادت عضد الناقة تندق لثقلها فبركت وأياما كان فهو منصوب على انه ظرف لقوله تعالى «يئس الذين كفروا من دينكم» أي من ابطاله ورجوعكم عنه بتحليل هذه لخبائث أو غيرها أو من ان يغلبوكم عليه لما شاهدوا من ان الله عز وجل وفي بوعده حيث أظهره على الدين كله وهو الأنسب بقوله
(٦)