تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٣
«يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم» تذكير لنعمة الانجاء من الشر إثر تذكير نعمة ايصال الخير الذي هو نعمة الاسلام وما يتبعها من الميثاق وعليكم متعلق بنعمة الله أو بمحذوف وقع حالا منها وقوله تعالى «إذ هم قوم» على الأول ظرف لنفس النعمة وعلى الثاني لما تعلق به عليكم ولا سبيل إلى كونه ظرفا لا ذكروا التنافي زمانيهما أي اذكروا انعامه تعالى عليكم أو اذكروا نعمته كائنة عليكم في وقت همهم «أن يبسطوا إليكم أيديهم» أي بان يبطشوا بكم بالقتل والإهلاك يقال بسط اليه يده إذا بطش به وبسط اليه لسانه إذا شتمته وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح للمسارعة إلى بيان رجوع ضرر البسط وغائلته إليهم حملا لهم من أول الامر على الاعتداد بنعمة دفعة كما ان تقديم لكم في قوله عز وجل هو الذي خلق لكم ما في الأرض للمبادرة إلى بيان كون المخلوق من منافعهم تعجيلا للمسرة «فكف أيديهم عنكم» عطف على هم وهو النعمة التي أريد تذكيرها وذكرا لهم للايذان بوقوعها عند مزيدا لحاجة إليها والفاء للتعقيب المفيد لتمام النعمة وكما لها واظهار أيديهم في موقع الاضمار لزيادة التقرير أي منع أيديهم ان تمد إليكم عقيب همهم بذلك لا انه كفها عنكم بعد ما مدوها إليكم وفيه من الدلالة على كمال النعمة من حيث انها لم تكن مشوبة بضرر الخوف والانزعاج الذي قلما يعرى عنه الكف بعد المد ما لا يخفى مكانه وذلك ما روى ان المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان في غزوة ذي أنمار وهى غزوة ذات الرقاع وهي السابعة من مغازيه عليه الصلاة والسلام قاموا إلى الظهر معا فلما صلوا ندم المشركون الا كانوا قد أكبوا عليهم فقالوا ان لهم بعدها صلاة هي أحب إليهم من ابائهم وأبنائهم يعنون صلاة العصر وهموا ان يوقعوا بهم إذ قاموا إليها فرد الله تعالى كيدهم بان انزل صلاة الخوف وقيل هو ما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى بني قريظة ومعه الشيخان وعلي رضي الله تعالى عنهم يستقرضهم لديه مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطا يحسبهما مشركين فقالوا نعم يا ابا القاسم اجلس حتى نطعمك ونعطيك ما سالت فأجلسوه في صفه وهموا بالفتك به وعمد عمروا بن جحاش إلى رحا عظيمة يطرحها عليه فامسك الله تعالى يده ونزل جبريل عليه السلام فأخبره فخرج عليه الصلاة والسلام وقيل هو ما روى انه صلى الله عليه وسلم نزل منزلا وتفرق أصحابه في العظاء يستظلون بها فعلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه بشجرة فجاء اعرابي فاخذها وسله فقال من يمنعك مني فقال صلى الله عليه وسلم الله تعالى فأسقطه جبريل عليه السلام من يده فاخذه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال من يمنعك مني فقال لا أحد اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله «واتقوا الله» عطف على اذكروا أي اتقوه في رعاية حقوق نعمته ولا تخلوا بشكرها أو في كل ما تأتون وما تذرون فيدخل فيه ما ذكر دخول أولياء «وعلى الله» أي عليه تعالى خاصة دون غيره استقلال واشتراكا «فليتوكل المؤمنون» فإنه يكفيهم في ايصال كل خير ودفع كل شر والجملة تذييل مقرر لما قبله وايثار صيغة امر الغائب واسنادها إلى المؤمنين لايجاب التوكل على
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302