تعالى «فلا تخشوهم» أي ان يظهروا عليكم «واخشون» أي وأخلصوا إلى الخشية «اليوم أكملت لكم دينكم» بالنصر والاظهار على الأديان كلها أو بالتنصيص على قواعد العقائد والتوقيف على أصول الشرائع وقوانين الاجتهاد وتقديم الجار والمجرور للايذان من أول الامر بان الاكمال لمنفعتهم ومصلحتهم كما في قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك وعليكم في قوله تعالى «وأتممت عليكم نعمتي» متعلق بأتممت لا بنعمتي لان المصدر لا يتقدم عليه معموله وتقديمه على المفعول الصريح لما مر مرات أي أتممتها بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين وهدم منار الجاهلية ومناسكها والنهي عن حج المشرك وطواف العريان أو باكمال الدين والشرائع أو بالهداية والتوفيق قيل معنى أتممت عليكم نعمتي أنجزت لكم وعدي بقولي ولاتم نعمتي عليكم «ورضيت لكم الإسلام دينا» أي اخترته لكم من بين الأديان وهو الدين عند الله لا غير عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ان رجلا من اليهود قال له يا أمير المؤمنين اية في كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال أي اية قال اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي الآية قال عمر رضي الله تعالى عنه عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي أنزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة أشار رضي الله تعالى عنه إلى ان ذلك اليوم عيد لنا وروي انه لما نزلت هذه الآية بكى عمر رضي الله تعالى عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا عمر قال أبكاني انا كنا في زيادة من ديننا فإذ أكمل فإنه لا يكمل شئ الا نقص فقال عليه الصلاة والسلام صدقت فكانت هذه الآية نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم فما لبث بعد ذلك الا أحدا وثمانين يوما «فمن اضطر» متصل بذكر المحرمات وما بينهما اعتراض بما يوجب ان يجتنب عنه وهو ان تناولها فسوق وحرمتها من جملة الدين والنعمة التامة والاسلام المرضى أي فمن اضطر إلى تناول شئ من هذه المحرمات «في مخمصة» أي مجاعة يخاف معها الموت أو مباديه «غير متجانف لإثم» قيل غير مائل ومنحرف اليه بان يأكلها تلذذا أو مجاوزا حد الرخصة أو ينتزعها من مضطر اخر كقوله تعالى غير باغ ولا عاد «فإن الله غفور رحيم» لا يؤاخذه بذلك «يسألونك ماذا أحل لهم» شروع في تفصيل المحللات التي ذكر بعضها على وجه الاجمال اثر بيان المحرمات كأنهم سألوا عنها عند بيان أضدادها ولتضمن السؤال معنى القول أوقع على الجملة فماذا مبتدأ وأحل لهم خبره وضمير الغيبة لما ان يسألون بلفظ الغيبة فإنه كما يعتبر حال المحكى عنه فيقال اقسم زيد لأفعلن يعتبر حال الحاكي فيقال اقسم زيد ليفعلن والمسؤول ما أحل لهم من المطاعم «قل أحل لكم الطيبات» أي ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر عنه كما في قوله تعالى ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث «وما علمتم من الجوارح» عطف على الطيبات بتقدير المضاف على ان ما موصولة والعائد محذوف أي وصيد ما علمتموه أو مبتدأ على ان
(٧)