الذين يبايعونك انما يبايعون الله وقال مجاهد هو الميثاق الذي اخذه الله تعالى على عباده حين أخرجهم من صلب ادم عليه السلام «واتقوا الله» أي في نسيان نعمته ونقض ميثاقه أو في كل ما تأتون وما تذرون فيدخل فيه ما ذكر دخولا أولياء «إن الله عليم بذات الصدور» أي بخفياتها الملابسة لها ملابسة تامة مصححة لاطلاق الصاحب عليها فيجازيكم عليها فما ظنكم بحليات الاعمال والجملة اعتراض تذييلي وتعليل الامر بالاتقاء واظهار الاسم الجليل في موقع الاضمار لتريه المهابة وتعليل الحكم وتقوية استقلال الجملة «يا أيها الذين آمنوا» شروع في بيان الشرائع المتعلقة بما يجري بينهم وبين غيرهم اثر بيان ما يتعلق بأنفسهم «كونوا قوامين لله» مقيمين لأوامره ممتثلين بها معظمين لها مراعين لحقوقها «شهداء بالقسط» أي بالعدل «ولا يجرمنكم» أي لا يحملنكم «شنآن قوم» أي شدة بغضكم لهم «على ألا تعدلوا» فلا تشهدوا في حقوقهم بالعدل أو فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل كمثله وقذف وقتل نساء وصبية ونقض عهد تشفيا وغير ذلك «اعدلوا هو» اي العدل «أقرب للتقوى» الذي أمرتم به صرح لهم بالامر بالعدل وبين انه بمكان من التقوى بعد ما نهاهم عن الجور وبين انه مقتضى الهوى وإذا كان وجوب العدل في حق الكفار في هذه المثابة فما ظنك بوجوبه في حق المسلمين «واتقوا الله» امر بالتقوى اثر ما بين ان العدل أقرب له اعتناء بشأنه وتنبيها على انه ملاك الامر «إن الله خبير بما تعملون» من الاعمال فيجازيكم بذلك وتكرير هذا الحكم اما لاختلاف السبب كما قيل ان الأول نزل في المشركين وهذا في اليهود أو لمزيد الاهتمام بالعدل والمبالغة في اطفاء فائدة الغيظ والجملة تعليل لما قبلها واظهار الجلالة لما مر مرات وحيث كانت مضمونها منبئا عن الوعد والوعيد عقب بالوعد لمن يحافظ على طاعته تعالى وبالوعيد لمن يخل بها فقيل «وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات» التي من جملتها العدل والتقوى «لهم مغفرة وأجر عظيم» حذف ثاني مفعولا وعد استغناء عنه بهذه الجملة فإنه استئناف مبين له وقيل الجملة في موقع المفعول فان الوعد ضرب من القول فكأنه قيل وعدهم هذا القول «والذين كفروا وكذبوا بآياتنا» التي من جملتها ما تليت من النصوص الناطقة بالامر والعدل والتقوى «أولئك» الموصوفون بما ذكر من الكفر وتكذيب الآيات «أصحاب الجحيم» ملابسوها ملابسة مؤبدة من السنة السنية القرآنية شفع الوعد بالوعيد والجمع بين الترغيب والترهيب ايفاء لحق الدعوى بالتبشير والانذار
(١٢)