تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٩٣
«يوم يجمع الله الرسل» نصب على أنه بدل اشتمال من مفعول اتقوا لما بينهما من الملابسة فإن مدار البدلية ليس ملابسة الظرفية والمظروفية ونحوها فقط بل هو تعلق ما مصحح لانتقال الذهن من المبدل منه إلى البدل بوجه إجمالي كما فيما نحن فيه فإن كونه تعالى خالق الأشياء كافة مالك يوم الدين خاصة كاف في الباب مع أن الأمر بتقوى الله تعالى يتبادر منه إلى الذهن أن المتقي أي شأن من شؤونه واي فعل من أفعاله وقيل هناك مضاف محذوف به يتحقق الاشتمال أي اتقوا عقاب الله فحينئذ يجوز انتصابه منه بطريق الظرفية وقيل منصوب بمضمر معطوف على اتقوا وما عطف عليه أي واحذروا أو اذكروا يوم الخ فإن تذكير ذلك اليوم الهائل مما يضطرهم إلى تقوى الله عز وجل وتلقي أمره بسمع الإجابة والطاعة وقيل هو ظرف لقوله تعالى لا يهدي أي لا يهديهم يومئذ إلى طريق الجنة كما يهدي إليه المؤمنين وقيل منصوب بقوله تعالى واسمعوا بحذف مضاف أي اسمعوا خبر ذلك اليوم وقيل منصوب بفعل مؤخر قد حذف للدلالة على ضيق العبارة عن شرحه وبيانه لكمال فظاعة ما يقع فيه من الطامة التامة والدواهي العامة كأنه قيل يوم يجمع الله الرسل فيقول الخ يكون من الأحوال والأهوال مالا يفي ببيانه نطاق المقال وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتربية المهابة وتشديد التهويل وتخصيص الرسل بالذكر ليس لاختصاص الجمع بهم دون الأمم كيف لا وذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وقد قال الله تعالى يوم ندعو كل أناس بإمامهم بل لإبانة شرفهم وأصالتهم والإيذان بعدم الحاجة إلى التصريح بجمع غيرهم بناء على ظهور كونهم أتباعا لهم ولإظهار سقوط منزلتهم وعدم لياقتهم بالانتظام في سلك جمع الرسل كيف لا وهم عليهم السلام يجمعون على وجه الإجلال وأولئك يسحبون على وجوههم بالأغلال «فيقول» لهم مشيرا إلى خروجهم عن عهدة الرسالة كما ينبغي حسبما يعرب عنه تخصيص السؤال بجواب الأمم إعرابا واضحا إلا لصدر الخطاب بأن يقال هل بلغتم رسالاتي وماذا في قوله عز وجل «ماذا أجبتم» عبارة عن مصدر الفعل فهو نصب على المصدرية أي أي إجابة أجبتم من جهة أممكم إجابة قبول أو إجابة قبول أو إجابة رد وقيل عبارة عن الجواب فهو في محل النصب بعد حذف الجار عنه أي بأي جواب أجبتم وعلى التقديرين ففي توجيه السؤال عما صدر عنهم وهم شهود إلى الرسل عليهم السلام كسؤال الموءودة بمحضر من الوائد والعدول عن إسناد الجواب إليهم بأن يقال ماذا أجابوا من الأنباء عن كمال تحقير شأنهم وشدة الغيظ والسخط عليهم ما لا يخفى «قالوا» استئناف مبني على سؤال نشأ من سوق الكلام كأنه قيل فماذا يقول الرسل عليهم السلام هنالك فقيل يقولون «لا علم لنا» وصيغة الماضي للدلالة على التقرر والتحقق كما في قوله تعالى ونادى أصحاب الجنة أصحاب الأعراف ونظائرهما وإنما يقولون ذلك تفويضا للأمر إلى علمه تعالى وإحاطته بما اعتراهم من جهتهم من مقاساة الأهوال ومعاناة الهموم والأوجال وعرضا لعجزهم عن بيانه لكثرته وفظاعته «إنك أنت علام الغيوب» تعليل لذلك أي فتعلم ما أجابوا وأظهروا لنا وما لم نعلمه مما أضمروه في قلوبهم وفيه إظهار للشكاة ورد للأمر إلى علمه تعالى بما لقوا من قبلهم من
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302