مظان حاجتهم إلى احلال غيره حينئذ كأنه قيل أحلت لكم الانعام مطلقا حال كونكم ممتنعين عن تحصيل ما يغنيكم عنها في بعض الأوقات محتاجين إلى إحلالها وفي اسناد عدم الاحلال إليهم بالمعنى المذكور مع حصول المراد بان يقال غي محلل لكم أو محرما عليكم الصيد حال احرامكم مزيد تربية الامتنان وتقرير للحاجة ببيان علتها القريبة فان تحريم الصيد عليهم انما يوجب حاجتهم إلى احلال ما يغنيهم عنه باعتبار تحريمهم له عملا واعتقادا مع ما في ذلك من وصفهم بما هو اللائق بهم (ان الله يحكم ما يريد) من الاحكام حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة فيدخل فيها ما ذكر من التحليل والتحريم دخولا أو وليا ومعنى الايفاء بهما الجريان على موجبهما عقدا وعملا والاجتناب عن تحليل المحرمات وتحريم بعض المحللات كالبحيرة والنظائرها التي سيأتي بيانها (يا أيها الذين امنوا الا تحلوا شعائر الله) لما بين حرمة احلال الاحرام الذي هو من شعائر الحج عقب ذلك ببيان حرمة احلال سائر الشعائر واضافتها إلى الله عز وجل لتشريفها وتهويل الخطب في إحلالها وهي جمع شعيرة وهي اسم لما اشعر أي جعل شعارا وعلما للنسك من مواقيت الحج ومرامي الجمار والمطاف والمسعى والافعال التي هي علامات الحاج يعرف بها من الاحرام والطواف والسعي والحلق والنحر واحلالها ان يتهاون بحرمتها ويحال بينهما وبين المتنسكين بها ويحدث في اشهر الحج ما يصد به للناس عن الحج وقيل المراد بها دين الله لقوله تعالى ومن يعظم شعائر الله أي دينه وقيل حرمات الله وقيل فرائضه التي حدها العبادة واحلالها الاخلال بها والأول انسب بالمقام (ولا الشهر الحرام) أي لا تحلوه بالقتال فيه وقيل بالنسي والأول هو الأولى بحال المؤمنين والمراد به شهر الحج وقيل الأشهر الأربعة الحرم والافراد لإرادة الجنس (ولا الهدى) بان يتعرض له بالغصب أو بالمنع عن بلوغ محله وهو ما اهدى إلى الكعبة من إبل أو بقر أو شاة جمع هدية كجدي وجدية (ولا القلائد) هي جمع قلادة وهي ما يقلد به الهدي من نعل أو لحاء شجر ليعلم به انه هدى فلا يتعرض له والمراد النهي عن التعرض لذوات القلائد من الهدي وهي البدن وعطفها على الهدي مع دخولها فيه لمزيد التوصية بها لمزيتها على ما عداها كما عطف جبريل وميكال على الملائكة عليهم السلام كأنه قيل والقلائد منه خصوصا أو النهي عن التعرض لنفس القلائد مبالغة في النهي عن التعرض لأصحابها على معنى لا تحلو قلائدها فضلا عن ان تحلوها كما نهى عن ابداء الزينة بقوله تعالى ولا يبدين زينتهن مبالغة في النهي عن ابداء مواقعها (ولا امين البيت الحرام) أي لا تحلو قوما قاصدين زيارته بأنه تصدوهم عن ذلك باي وجه كان وقيل هناك مضاف محذوف أي قتال قوم أو اذى قوم امين الخ وقرا ولا أمي البيت الحرام بالإضافة وقوله تعالى (يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا
(٣)