تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٨
العقوبة النارية يرده قوله تعالى «وذلك جزاء الظالمين» فإنه صريح في ان كونه من أصحاب النار تمام العقوبة وكمالها والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها ولقد سلك في صرفه عما نواه من الشر كل مسلك من العظة والتذكير بالترغيب تارة والترهيب أخرى فما أورثه ذلك الا الاصرار على الغي والانهماك في الفساد «فطوعت له نفسه قتل أخيه» أي وسعته وسهلته من طاع له المرتع إذا اتسع وترتيب التطويع على ما حكى من مقالات هابيل مع تحققه قبلها أيضا كما يفصح عنه قوله لأقتلنك لما ان بقاء الفعل بعد تقرر ما يزيله من الدواعي القوية وان كان استمرار عليه بحسب الظاهر لكنه في الحقيقة امر حادث وصنع جديد كما في قولك وعظته فلم يتعظ أو لان هذه المرتبة من التطويع لم تكن حاصلة قبل ذلك بناء على تردده في قدرته على القتل لما انه كان أقوى منه وانما حصلت بعد وقوفه على استسلام هابيل وعدم معارضته له والتصريح بأخوته لكمال تقبيح ما سولته نفسه وقرئ فطاوعت على انه فاعل بمعنى فعل أو على ان قتل أخيه كأنه دعى نفسه إلى الإقدام عليه فطاوعته ولم تمتنع وله لزيادة الربط كقولك حفظت لزيد ماله «فقتله» قيل لم يدر قابيل كيف يقتل هابيل فتمثل إبليس واخذ طائرا ووضع رأسه على حجر ثم شدخها بحجر اخر فتعلم منه فرضخ راس هابيل بين حجرين وهو مستسلم لا يستعصى عليه وقيل اغتاله وهو نائم وكان لهابيل يوم قتل عشرون سنة واختلف في موضع قتله فقيل عند عقبة حراء وقيل بالبصرة في موضع المسجد الأعظم وقيل في جبل بود ولما قتله تركه بالعراء لا يدري ما يصنع به فخاف عليه السباع فحمله في جراب على ظهره أربعين يوما وقيل سنة حتى أروح وعكفت عليه الطيور والسباع تنظر متى يرمى به فتأكله «فأصبح من الخاسرين» دينا ودنيا «فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه» روى انه تعالى بعث غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما الاخر فحفر له بمنقاره ورجليه حفرة فألقاه فيها والمستكن في يريه الله تعالى أو للغراب والآلام على الأول متعلقة ببعث حتما وعلى الثاني يبحث ويجوز تعلقها ببعث أيضا وكيف حال من ضمير يوارى والجملة ثاني مفعولى يرى والمراد بسوأة أخيه جسده الميت «قال» استئناف مبني على سؤال نشا من سوق الكلام كأنه قيل فماذا قال عند مشاهدة حال الغراب فقيل قال «يا ويلتي» هي كلمة جزع وتحسر والألف بدل من ياء المتكلم والمعنى يا ويلتي احضرى فهذا أوانك والويل والويلة الهلكة «أعجزت أن أكون» أي عن ان أكون «مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي» تعجب من عدم اهتدائه إلى ما اهتدى اليه الغراب وقوله تعالى فأواري بالنصب عطف على ان أكون وقرا بالرفع أي فانا أوارى «فأصبح من النادمين» أي على قتله لما كابد فيه من التحير في امره وحمله على رقبته مدة طويله روى انه لما قتله اسود جسده وكان ابيض فسأله ادم عن أخيه فقال
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302