تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٣٢
فإنه نفي عن وجه الأرض لدفع شرهم عن أهلها ويعزرون أيضا لمباشرتهم منكر الإخافة وإزالة الأمن وعند الشافعي رضي الله عنه النفي من بلد إلى بلد لا يزال يطلب وهو هارب فزعا وقيل هو النفي عن بلده فقط وكانوا ينفونهم إلى دهلك وهو بلد في أقصى تهامة وناصع وهو بلد من بلاد الحبشة «ذلك» أي من فضل من الأحكام والأجزية قيل هو مبتدأ وقوله تعالى «لهم خزي» جملة من خبر مقدم على المبتدأ وقوله تعالى «في الدنيا» متعلق بمحذوب وقع صفة لخزي أو متعلق بخزي على الظرفية والجملة في محل الرفع الرفع على أنها خبر لذلك وقيل خزي خبر لذلك ولهم متعلق بمحذوب وقع حالا من خزي لأنه في الأصل صفة له فلما قدم انتصب حالا وفي الدنيا إما صفة لخزي أو متعلق به على ما مر والخزي الذل والفضيحة «ولهم في الآخرة» غير هذا «عذاب عظيم» لا يقادر قدره لغاية عظم جنايتهم فقوله تعالى لهم خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر وفي الآخرة متعلق بمحذوف وقع حالا من عذاب لأنه في الأصل صفة له فلما قدم انتصب حالا أي كائنا في الآخرة «إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم» استثناء مخصوص بما هو من حقوق الله عز وجل كما ينبئ عنه قوله تعالى «فاعلموا أن الله غفور رحيم» أما ما هو من حقوق الأولياء من القصاص ونحوه فإليهم ذلك إن شاءوا عفوا وإن أحبوا استوفوا وإنما يسقط بالتوبة وجوب استيفائه لا جوازه وعن علي رضي الله عنه أن الحرث بن بدر جاءه تائبا بعد ما كان يقطع الطريق فقبل توبته ودرأ عنه العقوبة «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله» لما ذكر عظم شأن القتل والفساد وبين حكمهما وأشير في تضاعيف ذلك إلى مغفرته تعالى لمن تاب من جنايته أمر المؤمنون بأن يتقوه تعالى في كل ما يأتون وما يذرون بترك ما يجب بقاؤه من المعاصي التي من جملتها ما ذكر من القتل والفساد وبفعل الطاعات التي من زمرتها السعي في إحياء النفوس ودفع الفساد والمسارعة إلى التوبة والاستغفار «وابتغوا» أي اطلبوا لأنفسكم «إليه» أي إلى ثوابه والزلفى منه «الوسيلة» هي فعيلة بمعنى ما يتوسل به ويتقرب إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك المعاصي من وسل إلى كذا أي تقرب إليه بشيء وإليه متعلق بها قدم عليها للاهتمام به وليست بمصدر حتى لا تعمل فيما قبلها ولعل المراد بها الاتقاء المأمور به فإنه ملاك الأمر كله كما أشير إليه وذريعة لنيل كل خير ومنجاة من كل ضير فالجملة حينئذ جارية مما قبلها مجرى البيان والتأكيد أو مطلق الوسيلة وهو داخل فيها دخولا أوليا وقيل الجملة الأولى أمر بترك المعاصي والثانية أمر بفعل الطاعات وحيث كان في كل من ترك المعاصي المشتهاة للنفي وفعل الطاعات المكروهة لها كلفة ومشقة عقب الأمر بهما بقوله تعالى «وجاهدوا في سبيله» بمحاربة أعدائه البارزة والكامنة «لعلكم تفلحون» بنيل مرضاته والفوز بكراماته
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302