تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٥
«أنت وربك فقاتلا» أي فقاتلاهم انما قالوا ذلك استهانة واستهزاء بع سبحانه وبرسوله وعدم مبالاة بهما وقصدوا ذهابهما حقيقة كما ينبئ عنه غاية جهلهم وقسوة قلوبهم وقيل أرادوا إرادتهما وقصدهما كما تقول كلمته فذهب يجيبني كأنهم قالوا فأريد قتالهم واقصداهم وقيل التقدير فاذهب أنت وربك يعينك ولا يساعده قوله تعالى فقاتلا ولم يذكروا هارون ولا الرجلين كأنهم لم يجزموا بذهابهم أو لم يعبأوا بقتالهم وقوله تعالى «إنا ها هنا قاعدون» يؤيد الوجه الأول وأرادوا بذلك عدم التقدم لا عدم التأخر «قال» عليه السلام لما رأى منهم ما رأى من العناد على طريقة البث والحزن والشكوى إلى الله تعالى مع رقة القلب التي بمثلها تستجلب الرحمة وتستنزل النصرة «رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي» عطف على نفسي وقيل على الضمير في اني على معنى اني لا املك الا نفسي وان أخي لا يملك الا نفسه وقيل على الضمير في لا املك للفصل «فافرق بيننا» يريد نفسه واخاه والفاء لترتيب الفرق أو الدعاء به على ما قبله «وبين القوم الفاسقين» الخارجين عن طاعتك المصرين على عصيانك بان تحكم لنا بما نستحقه وعليهم بما يستحقونه وقيل بالتعبيد بيننا وبينهم وتخليصنا من صحبتهم «قال فإنها» أي الأرض المقدسة والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الدعاء « محرمة عليهم» تحريم منع لا تحريم تعبد لا يدخلونها ولا يملكونها لان كتابتها لهم كانت مشروطة بالايمان والجهاد وحيث نكصوا على ادبارهم حرموا ذلك وانقلبوا خاسرين وقوله تعالى «أربعين سنة» ان جعل ظرفا لمحرمة يكون التحريم موقتا لا مؤبدا فلا يكون مخالفا لظاهر قوله تعالى كتب الله لكم فالمراد بتحريمها عليهم انه لا يدخلها أحد منهم في هذه المدة لكن لا بمعنى ان كلهم يدخلونها بعدها بل بعضهم ممن بقي حسب ما روى ان موسى عليه السلام صار بمن بقي من بني إسرائيل إلى أريحا وكان يوشع بن نون على مقدمته ففتحها واقام بها ما شاء الله تعالى ثم قبض عليه السلام وقيل لم يدخلها أحد ممن قال لن ندخلها ابدا وانما دخلها مع موسى عليه السلام النواشي من ذرياتهم فالموقت بالأربعين في الحقيقة تحريمها على ذرياتهم وانما جعل تحريمها عليهم لما بينهما من العلاقة التامة المتاخمة للاتحاد وقوله تعالى «يتيهون في الأرض» أي يتحيرون في البرية استئناف لبيان كيفية حرمانهم أو حال من ضمير عليهم وقيل ظرف متعلق بيتهون فيكون التيه موقتا والتحريم مطلقا قيل كانوا ستمائة الف مقاتل وكان طول البرية تسعون فرسخا وقد تاهوا في ستة فراسخ أو تسعة فراسخ في ثلاثين فرسخا وقيل في ستة فراسخ في اثني عشر فرسخا روى انهم كانوا كل يوم يسيرون جادين حتى إذا أمسوا إذا هم بحيث ارتحلوا وكان الغمام يظلهم من حر الشمس ويطلع بالليل عمود من نور يضيء لهم وينزل عليهم المن والسلوى ولا تطول شعورهم وإذا ولد لهم مولود كان عليه ثوب كالظفر يطول بطوله وهذه الإنعامات عليهم مع انهم معاقبون لما ان عقابهم كان بطريق العرك والتأديب قيل كان موسى وهارون معهم ولكن
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302