تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٣٩
«سماعون للكذب» خبر آخر للمبتدأ المقدر كرر تأكيدا لما قبله وتمهيدا لما بعده من قوله تعالى «أكالون للسحت» وهو أيضا خبر آخر للمقدر وارد على طريقة الذم أو بناء على أن المراد بالكذب ما يفتعله الراشون عند الأكالين والسحت بضم السين وسكون الحاء في الأصل كل ما لا يحل كسبه وقيل هو الحرام مطلقا من سحته إذا استأصله سمى به لأنه مسحوت البركة والمراد به ههنا إما الرشا التي كان يأخذها المحرفون على تحريفهم وسائر أحكامهم الزائغة وهو المشهور أو ما كان يأخذه فقراؤهم من أغنيائهم من المال ليقيموا على اليهودية كما قيل وإما مطلق الحرام المنتظم لما ذكر انتظاما أوليا وقرئ للسحت بضم السين والحاء ووبفتحهما وبفتح السين وسكون الحاء وبكسر السين وسكون الحاء وعن النبي صلى الله عليه وسلم كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به «فإن جاؤوك» لما بين تفاصيل أمورهم الواهية وأحوالهم المختلفة الموجبة لعدم المبالاة بهم وبأفاعليهم حسبما أمر به صلى الله عليه وسلم خوطب صلى الله عليه وسلم ببعض ما يتبنى عليه من الأحكام بطريق التفريع والفاء فصيحة أي وإذا كان حالهم كما شرح فإن جاءوك متحاكمين إليك فيما شجر بينهم من الخصومات «فاحكم بينهم أو أعرض عنهم» غير مبال بهم ولا خائف من جهتهم أصلا وهذا كما ترى تخيير له صلى الله عليه وسلم بين الأمرين فقيل هو في أمر خاص هو ما ذكر من زنا المحصن وقيل في قتيل قتل من اليهود في بني قريظة والنضير فتحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بنو قريظة إخواننا بنو النضير أبونا واحد وديننا واحد ونبينا واحد وإذا قتلوا منا قتيلا لم يرضوا بالقود وأعطونا سبعين وسقا من تمر وإذا قتلنا منهم قتلوا القاتل وأخذوا منا الضعف مائة وأربعين وسقا من تمر وإن كان القتيل امرأة قتلوا بها الرجل منا وبالرجل منهم الرجلين منه وبالعبد منهم الحر منا فاقض بيننا فجعل صلى الله عليه وسلم الدية سواء وقيل وهو عام في جميع الحكومات ثم اختلفوا فمن قائل إنه ثابت وهو المروي عن عطاء والنخعي والشعبي وقتادة وأبي بكر الأصم وأبي مسلم وقائل إنه منسوخ وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لم ينسخ من المائدة إلا آيتان قوله تعالى لا تحلوا شعائر الله وأن احكم بينهم بما أنزل الله وعليه مشايخنا «وإن تعرض عنهم» بيان لحال الأمرين إثر تخييره صلى الله عليه وسلم بينهما وتقديم حال الإعراض للمسارعة إلى بيان أن لا ضرر فيه حيث كان مظنة الضرر لما أنهم كانوا لا يتحاكمون إليه صلى الله عليه وسلم لا لطلب الأيسر والأهون عليهم فإذا أعرض عنهم وأبى الحكومة بينهم شق ذلك عليهم فتشتد عداوتهم ومضاراتهم له صلى الله عليه وسلم فأمنه الله عز وجل بقوله «فلن يضروك شيئا» من الضرر فإن الله عاصمك من الناس «وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط» بالعدل الذي أمرت به كما حكمت بالرجم «إن الله يحب المقسطين» ومن ضرورته أن يحفظهم عن كل مكروه ومحذور
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302