تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٣٣
«إن الذين كفروا» كلام مبتدأ مسوق لتأكيد وجوب الامتثال بالأوامر السابقة وترغيب المؤمنين في المسارعة إلى تحصيل الوسيلة إليه عز وجل قبل انقضاء أوانه ببيان استحالة توسل الكفار يوم القيامة بأقوى الوسائل إلى النجاة من العذاب فضلا عن نيل الثواب «لو أن لهم» أي لكل واحد منهم كما في قوله تعالى ولو أن لكل نفس ظلمت الخ لا لجميعهم إذ ليس في ذلك هذه المرتبة من تهويل الأمر وتفظيع الحال «ما في الأرض» أي من أصناف أموالها وذخائرها وسائر منافعها قاطبة وهو اسم أن ولهم خبرها ومحلها الرفع بلا خلاف خلا أنه عند سيبويه رفع على الابتداء ولا حاجة فيه إلى الخبر لاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه وقد اختصت من بين سائر ما يؤول بالاسم بالوقوع بعد لو ولو قيل الخبر محذوف ثم قيل يقدر مقدما أي لو ثابت كون ما في الأرض لهم وقيل بقدر مؤخرا أي لو كون ما في الأرض لهم ثابت وعند المبرد والزجاج والكوفيين رفع على الفاعلية والفعل مقدر بعد لو أي لو ثبت أن لهم ما في الأرض وقوله تعالى «جميعا» توكيد للوصول أو حال منه «ومثله» بالنصب عطف عليه وقوله تعالى «معه» ظرف وقع حالا من المعطوف والضمير راجع إلى الموصول وفائدته التصريح بفرض كينونتهما لهم بطريق المعية لا بطريق التعاقب تحقيقا لكمال فظاعة الأمر مع ما فيه من نوع إشعار بكونهما شيئا واحدا وتمهيدا لإفراد الضمير الراجع إليهم واللام في قوله تعالى «ليفتدوا به» متعلقة بما تعلق به خبر أن أعني الاستقرار المقدر في لهم وبالخبر المقدر عند من يرى تقدير الخبر مقدما أو مؤخرا وبالفعل المقدر بعد لو على رأي المبرد ومن نحاه ولا ريب في أن مدار الافتداء بما ذكر هو كونه لهم لا ثبوت لهم وإن كان مستلزما له والباء في به متعلقة بالافتداء والضمير راجع إلى الموصول ومثله معا وتوحيده إما لما أشير إليه وإما لإجرائه مجرى اسم الإشارة كأنه قيل بذلك كما في قوله كأنه في الجلد توقيع البهق أي كأن ذلك وقيل وهو راجع إلى الموصول والعائد إلى المعطوف أعني مثله محذوف كما حذف الخبر من قيار في قوله فإني وقيار بها لغريب أي وقيار أيضا غريب وقد جوز أن يكون نصب ومثله على أنه مفعول معه ناصبه الفعل المقدر بعد لو تفريعا على مذهب المبرد ومن رأى رأيه وأنت خبير بأن يؤدي إلى كون الرافع للفاعل غير الناصب للمفعول معه لأن المعنى على اعتبار المعية ما في الأرض ومثله في الكينونة لهم لا ثبوت تلك الكينونة وتحقيقها ولا مساغ لجعل ناصبه الاستقرار المقدر في لهم لما أن سيبويه قد نص على غسم الإشارة وحرف الجر المتضمن للاستقرار لا يعملان في المفعول معه وأن قوله هذا لك وأباك قبيح وإن جوزه بعض النحاة في الظرف وحرف الجر وقوله تعالى «من عذاب يوم القيامة» متعلق بالافتداء أيضا أي لو أن ما في الأرض ومثله ثابت لهم ليجعلوه فدية لأنفسهم من العذاب الواقع يومئذ «ما تقبل منهم» ذلك وهو جواب لو وترتيبه على كون ذلك لهم لأجل افتدائهم به من غير
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302