تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٧
قبلي فلم تقتلني خلا انه لم يصرح بذلك بل سلك مسلك التعريض حذرا من تهييج غضبه وحملا له على التقوى والاقلاع عما نواه ولذلك اسند الفعل إلى الاسم الجليل لتربية المهابة ثم صرح بتقواه على وجه يستدعى سكون غيظه لو كان له عقل وازع حيث قال بطريق التوكيد «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك» حيث صدر الشرطية باللام المؤطئة للقسم وقدم الجار والمجرور على المفعول الصريح ايذانا من أول الامر برجوع ضرر البسط وغائلته اليه ولم يجعل جواب القسم الساد مسد جواب الشرط جمله فعليه موافقه لما في الشرط بل اسمية مصدرة بما الحجازية المفيدة لتأكيد النفي بما في خبرها من الباء للمبالغة في اظهار براءته عن بسط اليد ببيان استمراره على نفى البسط كما في قوله تعالى وما هم بمؤمنين وقوله وما هم بخارجين منها فإن الجملة الاسمية الايجابية كما تدل بمعونة المقام على دوام الثبوت كذلك السلبية تدل بمعونته على دوام الانتفاء لا على انتفاء الدوام وذلك باعتبار الدوام والاستمرار بعد اعتبار النفي لاقبله حتى يرد النفي على المقيد بالدوام فيرفع قيده اى والله لئن باشرت قتلى حسبما أوعدتنى به وتحقق ذلك منك ما انا بفاعل مثله لك في وقت من الأوقات ثم علل ذلك بقوله «إني أخاف الله رب العالمين» وفيه من ارشاد قابيل إلى خشيه الله تعالى على أبلغ وجه وآكده مالا يخفى كأنه قال انى أخافه تعالى ان بسطت يدي إليك لأقتلك ان يعاقبني وان كان ذلك منى لدفع عداوتك عنى فما ظنك بحالك وأنت البادى العادي وفى وصفه تعالى بربوبية العالمين تأكيد للخوف قيل كان هابيل أقوى منه ولكن تحرج عن قتله واستسلم خوفا من الله تعالى لان القتل للدفع لم يكن مباحا حينئذ وقيل تحريا لما هو الأفضل حسبما قال عليه السلام كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ويأباه التعليل بخوفه تعالى الا ان يدعى ان ترك الأولى عنده بمنزله المعصية في استتباع الغائلة مبالغه في التنزه وقوله تعالى «إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك» تعليل اخر لامتناعه عن المعارضة على انه غرض متأخر عنه كما ان الأول باعث متقدم عليه وانما لم يعطف عليه تنبيها على كفاية كل منها في العلية والمعنى اني أريد باستسلامى لك وامتناعى عن التعرض لك ان ترجع بإثمي اى بمثل إثمي لو بسطت يدي إليك وبإثمك ببسط يدك إلى كما في قوله عليه السلام المستبان ما قالا فعلى البادى ما لم يعتد المظلوم اى على البادى عين اثم سبه ومثل سب صاحبه بحكم كونه سببا له وقيل معنى بإثمي اثم قتلى ومعنى بإثمك الذي لأجله لم يتقبل قربانك وكلا هما نصب على الحالية اى ترجع ملتبسا بالإثمين حاملا لهما ولعل مراده بالذات انما هو عدم ملابسته للإثم لا ملابسة أخيه له وقيل المراد بالاثم عقوبته ولا ريب في جواز إرادة عقوبة العاصي ممن علم انه لا يرعوى عن المعصية أصلا ويأباه قوله تعالى «فتكون من أصحاب النار» فان كونه منهم انما يترتب على رجوعه بالإثمين لا على ابتلائه بعقوبتهما وحمل العقوبة على نوع اخر يترتب عليها
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302