تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٣٠
تيمم بطلت صلاته مشروطا بنقيض الشرط المذكور البتة وهو انتفاؤهما معا فتعين ورود النفي المستفاد من غير على الترديد الواقع بين الوضوء والتيمم بكلمة أو فانتفى تحققهما معا ضرورة عموم النفي الوارد على المبهم وعلى هذا يدور ما قالوا إنه إذا قيل جالس العلماء أو الزهاد قم أدخل عليه لا الناهية امتنع فعل الجميع نحو ولا تطع منهم آثما أكفورا إذ المعنى لا تفعل أحدهما فأيهما فعله فهو أحدهما وأما قولك من صلى بوضوء أو ثوب صحت صلاته فحيث كان الحكم فيه مشروطا بتحقق كلا الأمرين وهو انتفاء أحدهما فتعين ورود الترديد على النفي فأفاد نفي أحدهما ولا يخفى أن إباحة القتل مشروطة بأحد ما ذكر من القتل والفساد ومن ضرورته اشتراط حرمته بانتفائهما معا فتعين ورود النفي على الترديد لا محاله كأنه قيل من قتل نفسا بغير أحدهما «فكأنما قتل الناس جميعا» فمن قال في تفسيره أو بغير فساد فقد أبعد عن توفية النظم الكريم حقه وما في كأنما كافة مهيئة لوقوع الفعل بعدها وجميعا حال من الناس أو تأكيد ومناط التشبيه اشتراك الفعلين في هتك حرمة الدماء والاستعصاء على الله تعالى وتجسير الناس على القتل وفي استتباع القود واستجلاب غضب الله تعالى وعذابه العظيم «ومن أحياها» أي تسبب لبقاء نفس واحدة موصوفة بعدم ما ذكر من القتل والفساد في الأرض إما بنهي قاتلها عن قتلها أو استنقاذها من سائر أسباب الهلكة بوجه من الوجوه «فكأنما أحيا الناس جميعا» وجه التشبيه ظاهر والمقصود تهويل أمر القتل وتفخيم شأن الإحياء بتصوير كل منهما بصورة لائقة به في إيجاب الرهبة والرغبة لذلك صدر النظم الكريم بضمير الشأن المنبىء عن كمال شهرته ونباهته وتبادره إلى الأذهان عند ذكر الضمير الموجب لزيادة تقرير ما بعده في الذهن فإن الضمير لا يفهم منه من أول الأمر إلا شأن مبهم له خطر فيبقى الذهن مترقبا لما يعقبه فيتمكن عند وروده فضل تمكن كأنه قيل إن الشأن الخطير هذا «ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات» جملة مستقرة غير معطوفة على كتبنا أكدت بالتأكيد القسمي وحرف التحقيق لكمال العناية بتحقق مضمونها وإنما لم يقل ولقد أرسلنا إليهم الخ للتصريح بوصول الرسالة إليهم فإنه أدل على تناهيهم في العتو والمكابرة أي وبالله لقد جاءتهم رسلنا حسبما أرسلناهم بالآيات الواضحة الناطقة بتقرير ما كتبنا عليهم تأكيدا لوجوب مراعاته وتأييدا لتحتم المحافظة عليه «ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك» أي بعد ما ذكر من الكتب وتأكيد الأمر بإرسال تترى وتجديد العهد مرة أخرى ووضع اسم الإشارة موضع الضمير للإيذان بكمال تميزه وانتظامه بسبب ذلك في سلك الأمور المشاهدة وما فيه من معنى البعد للإيماء إلى علو درجته وبعد منزلته في عظ الشأن وثم للتراخي في الرتبة والاستبعاد «في الأرض» متعلق بقوله تعالى «لمسرفون» وكذا الظرف المتقدم ولا يقدح فيه توسط اللام بينه وبينهما لأنها لام الابتداء وحقها الدخول على المبتدأ وإنما دخولها على الخبر لمكان إن فهي في حيزها الأصلي حكما والإسراف في كل أمر التباعد عن حد الاعتدال مع عدم مبالاة به أي مسرفون في القتل غير مبالين به ولما كان إسرافهم في أمر القتل مستلزما لتفريطهم في شأن الإحياء وذكرا وكان هو أقبح الأمرين وأفظعهما اكتفى بذكره في مقام التشفيع
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302