ما كنت عليه وكيلا قال بل قتله ولذلك اسود جسدك ومكث ادم بعدة مائة سنة لا يضحك وقيل لما قتل قابيل هابيل هرب إلى عدن من ارض اليمن فاتاه إبليس فقال له انما اكلت النار قربان هابيل لأنه كان يخدمها ويعبدها فان عبدتها أيضا حصل مقصودك فبنى بيت نار فعبدها وهو أول من عبد النار «من أجل ذلك» شروع فيما هو المقصود من تلاوة النبأ من بيان بعض اخر من جنايات بني إسرائيل ومعاصيهم وذلك إشارة إلى عظم شان القتل وإفراط قبحة المفهومين مما ذكر في تضاعيف القصة من استعظام هابيل له وكمال اجتنابه عن مباشرته وان كان ذلك بطريق الدفع عن نفسه واستسلامه لان يقتل خوفا من عقابه وبيان استتباعه لتحمل القاتل لاثم المقتول ولكون قابيل بمباشرته من جملة الخاسرين دينهم ودنياهم ومن ندامته على فعله مع ما فيه من العتو وشدة الشكيمة وقساوة القلب والأجل في الأصل مصدر اجل شرا إذا جناه استعمل في تعليل الجنايات كما في قولهم من جراك فعلته أي من ان جررته وجنيته ثم اتسع فيه واستعمل في كل تعليل وقرا من اجل بكسر الهمزة وهي لغة فيه وقرا من اجل بحذف الهمزة والقاء فتحها على النون ومن لا ابتداء الغاية متعلقة بقوله تعالى «كتبنا على بني إسرائيل» وتقديمها عليه للقصر أي من ذلك ابتداء الكتب ومنه نشا لا من شيء اخر أي قضينا عليهم وبينا «أنه من قتل نفسا» واحدة من النفوس «بغير نفس» أي بغير قتل نفس يوجب الاقتصاص «أو فساد في الأرض» أي فساد يوجب اهدار دمها وهو عطف على ما أضيف اليه غير على معنى نفى كلا الامرين معا كما في قولك من صلى بغير وضوء أو تيمم بطلت صلاته لا نفي أحدهما كما في قولك من صلى بغير وضوء أو ثوب بطلت صلاته ومدار الاستعمالين اعتبار ورود النفي على ما يستفاد من كلمة أو من الترديد بين الأمرين المنبىء عن التخيير والإباحة واعتبار العكس ومناط الاعتبارين اختلاف حال ما أضيف اليه غير من الامرين بحسب اشتراط نقيض الحكم بتحقق أحدهما واشتراطه بتحققهما معا ففي الأول يرد النفي على الترديد الواقع بين الامرين قبل ورود فيفيد نفيهما معا وفي الثاني يرد الترديد على النفي فيفيد نفي أحدهما حتما إذ ليس قبل ورود النفي ترديد حتى يتصور عكسه وتوضيحه ان كل حكم شرط بتحقق أحد شيئين مثلا فنقيضه مشروط بانتفائهما معا وكل حكم شرط بتحققهما معا فنقيضه مشروط بانتفاء أحدهما ضرورة النقيض كل شيء مشروط بنقيض شرطه ولا ريب في النقيض الايجاب الجزئي كما في الحكم الأول هو السلب الكلي ونقيض الايجاب الكلي كما في الحكم الثاني هو رفعة المستلزم للسلب الجزئي فثبت اشتراط نقيض الأول بانتفائهما معا واشتراط نقيض الثاني بانتفاء أحدهما ولما كان الحكم في قولك من صلى بوضوء أو تيمم صحت صلاته مشروطا بتحقق أحدهما مهما كان نقيضا في قولك من صلى بغير وضوء أو
(٢٩)