تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٣٨
غيره «فاحذروا» أي فاحذروا قبوله وإياكم وإياه في ترتيب الأمر بالحذر على مجرد عدم إيتاء المحرف من المبالغة في التحذير ما لا يخفى روي أن شريفا من خيبر زنى بشريفة وهما محصنان وحدهما الرجم في التوراة فكرهوا رجمهما لشرفهما فبعثوا رهطا منهم إلى بني قريظة ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقالوا إن أمركم بالجلد والتحميم فاقبلوا وإن أمركم بالرجم فلا تقبلوا وأرسلوا الزانيين معهم فأمرهم بالرجم فأبوا أن يأخذوا به فقال جبريل عليه السلام اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ووصفه له فقال صلى الله عليه وسلم هل تعرفون شابا أبيض أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا قالوا نعم وهو أعلم يهودي على وجه الأرض بما أنزل الله على موسى بن عمران في التوراة قال فأرسولوا إليه ففعلوا فأتاهم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت ابن صوريا قال نعم قال صلى الله عليه وسلم وأنت أعلم اليهود قال كذلك يزعمون قال لهم أترضون به حكما قالوا نعم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي فلق البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون وظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى ورفع فوقكم الطور وأنزل عليكم التوراة فيها حلاله وحرامه هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن قال نعم والذي ذكرتني به لولا خشيت أن يحرقني التوراة إن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك ولكن كيف هي في كتابك يا محمد قال صلى الله عليه وسلم إذا شهد أربعة رهط عدول أن أدخل فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم قال ابن صوريا والذي أنزل التوراة على موسى هكذا أنزل الله في التوراة على موسى فوثب عليه سفلة اليهود فقال خفت إن كذبته أن ينزل علينا العذاب ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كان يعرفها من أعلامه فقال اشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول اله النبي الأمي العربي الذي بشر به المرسلون وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزانيين فرجما عند باب المسجد «ومن يرد الله فتنته» أي ضلالته أو فضيحته كائنا من كان فيندرج فيه المذكورون اندراجا أوليا وعدم التصريح بكونهم كذلك للإشعار بكمال ظهوره واستغنائه عن ذكره «فلن تملك له» فلن تستطيع له «من الله شيئا» في دفعها والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها ومبينة لعدم انفكاكهم عن القبائح المذكورة ابدا «أولئك» إشارة إلى المذكورين من المنافقين واليهود وما في اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتهم في الفساد وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم» أي من رجس الكفر وخبث الضلالة لانهماكهم فيهما وإصرارهم عليهما وإعراضهم عن صرف اختيارهم إلى تحصيل الهداية بالكلية كما ينبئ عنه وصفهم بالمسارعة في الكفر أولا وشرح فنون ضلالاتهم آخرا والجملة استئناف مبين لكون إرادته تعالى لفتنتهم منوطة بسوء اختيارهم وقبح صنيعهم الموجب لها لا واقعة منه تعالى ابتداء «لهم في الدنيا خزي» أما المنافقون فخزيهم فضيحتهم وهتك سترتهم بظهور نفاقهم فيما بين المسلمين وأما خزي اليهود فالذل والجزية والافتضاح بظهور كذبهم في كتمان نص التوراة وتنكير خزي للتفخيم وهو مبتدأ ولهم خبره وفي الدنيا متعلق بما تعلق به الخبر من الاستقرار وكذا الحال في قوله تعالى «ولهم في الآخرة» أي من الخزي الدنيوي «عذاب أليم» هو الخلود في النار وضمير لهم في الجملتين للمنافقين واليهود جميعا لا اليهود خاصة كما قيل وتكرير لهم مع اتحاد المرجع لزيادة التقرير والتأكيد والجملتان استئناف مبني على سؤال نشأ من تفصيل أفعالهم وأحوالهم الموجبة للعقاب كأنه قيل فما لهم من العقوبة فقيل لهم في الدنيا الآية
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302