يكون له شبهه ويتوهم له معذرة «فبما نقضهم ميثاقهم» الباء سبيبة وما مزيدة لتأكيد الكلام وتمكينه في النفس أي بسبب نقضهم ميثاقهم المؤكد لا بشيء اخر استقلالا أو انضماما «لعناهم» طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا أو مسخناهم قردة وخنازير أو أذللناهم بضرب الجزية عليهم وتخصيص البيان بما ذكر مع ان حقه ان يبين بعد بيان تحقق نفس اللعن والنقض بان يقال مثلا فنقصوا ميثاقهم فلعناهم ضرورة تقدم هيئة الشيء البسيطة على هيئته المركبة للايذان بان تحققهما امر جلى غنى عن البيان وانما المحتاج إلى ذلك ما بينهما من السبيبة والمسببية «وجعلنا قلوبهم قاسية» بحيث لا تتأثر من الآيات والنظر وقيل أملينا لهم ولم نعاجلهم بالعقوبة حتى قست أو خذلناهم ومنعناهم الالطاف حتى صارت كذلك وقرئ قسي وهي اما مبالغة قاسية واما بمعنى رديئة من قولهم درهم قسى أي ردى إذ إذا كان مغشوشا له يبس وخشونة وقرئ بكسر القاف اتباعا لها بالسين «يحرفون الكلم عن مواضعه» استئناف لبيان مرتبة قساوة قلوبهم فإنه لا مرتبة أعظم مما يصحح الا افتراء على تغيير كلام الله عز وجل والافتراء عليه وصيغة المضارع للدلالة على التجدد والاستمرار وقيل حال من مفعول لعناهم «ونسوا حظا» أي تركوا نصيبا وافرا «مما ذكروا به» من التوراة أو من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وقيل حرفوا التوراة وزلت أشياء منها عن حفظهم وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلي هذه الآية «ولا تزال تطلع على خائنة منهم» أي خيانة على أنها مصدر كلاغية وكاذبة أو فعلة خائنة أي ذات خيانة أو طائفة خائنة أو شخص خائنة على ان التاء للمبالغة أو نفس خائنة ومنهم متعلق بمحذوف وقع صفة لها خلى ان من على الوجهين الأولين ابتدائية أي على خيانة أو على فعلة خائنة كائنة منهم صادرة عنهم وعلى الوجوه الباقية تبعيضية والمعنى ان الغدر والخيانة عادة مستمرة لهم ولأسلافهم بحيث لا يكادون يتركونها أو يكتمونها فلا تزال ترى ذلك منهم «إلا قليلا منهم» استثناء من الضمير المجرور في منهم على الوجوه كلها وقيل من خائنة على الوجوه الثلاثة الأخيرة والمراد بهم الذين امنوا منهم كعبد الله بن سلام واضرابه وقيل من خائنة على الوجه الثاني فالمراد بالقليل الفعل القليل ومن ابتدائية كما مر أي الا فعلى قليلا كائنا منهم «فاعف عنهم واصفح» أي ان تابوا وامنوا أو عاهدوا والتزموا الجزية وقيل مطلق نسخ باية السيف «إن الله يحب المحسنين» تعليل للامر وحث على الامتثال به وتنبيه على ان العفو على الاطلاق من باب الاحسان «ومن الذين قالوا إنا
(١٦)